الأربعاء 14 مايو 2014 / 23:02

الفيلم الهندي الكبير



الفيلم الهندي النمطي عبارة عن قصة واحدة، شر يواجه خيراً، الشر قوي، لكن الخير صاحب مبادئ، والمبادئ لفظ يقصد به مجموعة من الجمل المحفوظة غير المختبرة التي يلقنها كل مجتمع لأبنائه. بعد سلسلة من الأحداث لا بد أن ينتصر الخير. حتى لو استلزم الأمر أن يعود بطل ابتلعه الحوت في أول الفيلم سليماً معافى بعد عشرين سنة. المعجزات هي الحل.

ليس في الفيلم الهندي ظلال من الصفات. ليس فيه خليط من متناقضات في الإنسان الواحد أو الإنسانة الواحدة. ليس فيه فلسفة شخصية فردية، تجعل الشخصية مختلفة عمن حولها، وصاحبة نظرة مستقلة للحياة. وليس فيه طبعاً اختبار للقيم يمتحنها ويراجعها ويطرح أسئلة. ليس فيه اختبار للقوانين المعلنة التي ندعي أنها تحكم دراما الحياة. وهو بالتالي مريح لمن يشاهدونه، ومتوقع، ومستجيب للمعادلة الحياتية التي يؤمنون بها.

بل ليس فيه حتى تدرج وتفصيل في المشاعر، إما حب جارف أو كره مشيطِن. الأمور محسومة. هذا يجعله فيلما سطحيا، يغذي السطحية لدى مشاهديه، ليس فيه مستويات متعددة ومركبة، ولا فيه مفارق محيرة عند كل سؤال، إما شمال مكتوب عليه سكة الندامة، وإما يمين مكتوب عليه سكة السلامة، دراما تشبه سمت أبطالها، تشبه الحياة كما نلقنها لأطفالنا في الحواديت، وكما لقننا إياها أباؤنا وأمهاتنا من قبل.

أطفال؟!!!

في الفيلم الهندي الجنس حاضر في كل لحظة تقريباً، فيه كثير من الإغراء، نساء نصف عاريات يتمايلن، وأبطال يلامسونهن ويتشمموهن، والمطر يبلل ملابسهن لكي يكشف أكثر. لكنهن، انتبهي، لا يقبلن الرجال ولا الرجال يقبلوهن. طبعاً: "الحرية لها حدود". لا بد من وضع حد، أي حد، حتى لو لم يكن منطقياً بالمرة. في الفيلم الهندي قررت جهة ما أن الرقص بالملابس المبللة الملتصقة بالجسم، وتقطيع ملابس كل ممثلة شابة تظهر في الفيلم مقبول "أخلاقياً"، أما القبلة فلا.

الفيلم الهندي يقدم الجنس كما يتخيله الشباب الذين تربوا وهم أطفال على كرهه مخلوطاً بالرغبة فيه، الصبايا اللاتي تربين على أن الرجال ذئاب إلا واحداً، له تتزينين وترقصين، وسيحميكي حين يقطع الذئاب ملابسك، والفتيان الذين تعلموا أن الجنس فاكهة معلقة على شجر، فلنتفرج عليها، ونشتهيها، ونشمشمها، ولكن لا نتذوقها.

الفيلم الهندي، وأشباهه، مرغوب جداً في المجتمعات المحافظة لأنه مجرد صورة مصغرة منها. مع فارق بسيط، أنه يوهم هذا المجتمع بعالم مواز، فيه نفس القيم، إنما فيه أيضاً رقص وغناء ومزارع خضراء شاسعة، ونعم، فيه جنس أيضاً، لكننا لن نريكم منه إلا مقدماته. خلي عندكم أمل. خلي عندكم أمل. يوماً ما سنصل إلى الجزرة.