المستشار الألماني  أولاف شولتس
المستشار الألماني أولاف شولتس
السبت 17 فبراير 2024 / 11:25

هل تراجعت ألمانيا عن الدعم المطلق لإسرائيل؟

لا يختلف اثنان على متانة الدعم الألماني لإسرائيل، وبعد هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وصل لحدوده القصوى، وزار المستشار أولاف شولتس الدولة العبرية للتأكيد على اهتمام بلاده الخاص بأمنها ووجودها، لكن التصعيد والعنف الواضحين في الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، غيّرا لهجة برلين، ودفعاها إلى انتقاد حليفتها علناً، في تحول غير مسبوق.

وتقول مجلة "بوليتيكو" في تقرير لها، اليوم السبت، إن "أمن إسرائيل بالنسبة للقادة الألمان هو السبب في استمرار وجود الجمهورية الألمانية"، مشيرة إلى تصريح شولتس خلال زيارته تل أبيب عقب هجوم حماس في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقوله حينها، إن "مسؤولية ألمانيا التاريخية عن المحرقة (الهولوكوست) يجعل من واجبها الدفاع عن وجود وأمن دولة إسرائيل". 

لهجة جديدة 

لكن، وبعد 5 أشهر من الحرب المستعرة ضد قطاع غزة، تحدثت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، بنبرة مختلفة خلال زيارتها الأخيرة إلى القدس، وقالت للصحافيين، إن "أمن شعب إسرائيل لا يقل أهمية عن حياة الفلسطينيين".

ومن وجهة نظر الخبراء، فإن هذا التغيّر في الخطاب السياسي لو كان صادراً عن بلد آخر فلن يثير أي جدل، لكن وبكونه صادر عن مسؤولين ألمان، كانوا مترددين على الدوام في انتقاد السياسات الإسرائيلية علناً، فإنه يشير إلى بداية تحول محتمل، مع ذلك فهو لا يعد تغييراً جذرياً في العلاقة الراسخة والتاريخية بين البلدين، ولا تزال بيربوك تدعم حق إسرائيل "المطلق" في الدفاع عن نفسها، ضد ما تمسيه بـ"الإرهابيين الذين يختبئون مثل الجبناء خلف المدنيين"، على حد تعبيرها في القدس.وما دفع قادة ألمانيا إلى تبني تغيير جديد في خطابهم السياسي مع تل أبيب، هو التلويح الإسرائيلي بشن هجوم جديد على رفح، المنطقة المكتظة بقرابة 1.5 مليون نازح، وتصاعد الإنذار الدولي من حمام دم جديد فيها.

تحذير من كارثة 

وقالت بيربوك خلال زيارتها لإسرائيل، "إذا بدأ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية موسعة في رفح، فستحل كارثة إنسانية حقيقية"، في نهج يتوافق إلى حد ما مع بقية قادة الاتحاد الأوروبي، وسبقها ماكرون إلى انتقاد الهجوم المحتمل، وأعلن بصراحة "معارضة فرنسا الصارمة للهجوم الإسرائيلي على رفح، والذي لا يمكن أن يؤدي إلا إلى كارثة إنسانية جديدة".وتضيف المجلة، أن التحول في الخطاب الألماني يحدث على خلفية تزايد الشكوك في نهج دعم الألماني لإسرائيل، مقارنة ببقية دول العالم، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، حيث كان رؤساء الحكومات أكثر صراحة في انتقادهم للحملة العسكرية الإسرائيلية، وهذا الأسبوع، أرسل رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز ونظيره الأيرلندي ليو فارادكار رسالة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين يدعوان فيها إلى "مراجعة عاجلة" لاتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، التي تحكم علاقاتهما التجارية. 
وفي حين أن تأييد ودعم إسرائيل لا يزال مرتفعاً على المستوى الشعبي في ألمانيا، مقارنة ببقية الدول الأوروبية الأخرى، إلا أنه شهد تراجعاً ملحوظاً على مدار الحرب، كما تظهر استطلاعات الرأي. 
وفي ظل هذا التغير، فإن السؤال الأصح، هل يستطيع قادة ألمانيا، وعلى رأسهم وزيرة الخارجية بيربوك، اجتراح أي تأثير على السياسة الإسرائيلية، خاصة وأن قادة الولايات المتحدة، أقوى حليف لإسرائيل، ضغطوا من أجل التأثير على القادة الإسرائيليين وانتقدوا سلوكهم في الحرب بشكل أكبر بكثير، وفي وقت سابق من فبراير (شباط) الجاري، وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن الرد العسكري الإسرائيلي بأنه "مبالغ فيه".

وأثارت زيارة بيربوك الأخيرة إلى القدس، وهي الخامسة منذ هجوم 7 أكتوبر، انتقادات داخل ألمانيا وتحديداً من قبل المحافظين، الذين زعموا أنها لم تنجز شيئاً باستثناء لفت انتباه الصحافة المحلية إليها.

وتحاول بيربوك ترسيخ مكانة ألمانيا كوسيط رئيسي في المنطقة، على الرغم من إدراكها أن تلك الجهود لن تؤدي إلى نتائج ملموسة، وخلال زيارتها لإسرائيل، التقت برئيس الوزراء بنيامين نتانياهو للمرة الأولى منذ بدء الحرب، وحثته بعد محادثات استمرت 90 دقيقة، على الانخراط في عملية سلام "يشكك فيها بطبيعته".