عناصر من الجيش الصومالي.(أرشيف)
عناصر من الجيش الصومالي.(أرشيف)
الأربعاء 13 مارس 2024 / 16:49

المساعدات العسكرية وحدها لا تنهي الإرهاب في إفريقيا

قال ويليام رامبي، كاتب ومحلل سياسي، إن الولايات المتحدة تواصل مساعداتها العسكرية للصومال مع استمرار التهديدات التي تتعرض لها البلاد من جانب "حركة الشباب" الإسلامية المسلحة.

على أمريكا أن تتجه نحو تعزيز الديمقراطية والمجتمع المدني

ومع ذلك، فإن تركيز الولايات المتحدة المستمر على الأمن بدلاً من الديمقراطية في تعاملاتها مع الدول الأفريقية لا يجعل القارة أكثر أماناً.

6 انقلابات منذ 2021

وأشار الكاتب في مقاله بموقع "ناشونال إنترست" إلى البيانات واضحة بشأن هذه النقطة: فقد شهدت إفريقيا ارتفاعاً بنسبة 20% في الوفيات الناجمة عن عنف الأعمال المتطرفة (مع وقوع 83% من تلك الوفيات في منطقة الساحل والصومال) إلى جانب 6 انقلابات منذ عام 2021.
وأوضح الكاتب أن هذه القضايا ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالسياسة الأمريكية.

وكانت الجهود التي بذلها صناع السياسات الأمريكيين لمحاربة الجماعات المتطرفة عن طريق المساعدة العسكرية الإقليمية سبباً في تحفيز الانقلابات العسكرية عن غير قصد.
ولذا، يرى الكاتب أنه يتعين على الولايات المتحدة أن تغير تركيزها على المساعدات العسكرية وتتوجه نحو تعزيز الديمقراطية والمجتمع المدني لمكافحة نفوذ هذه الجماعات بشكل فعال.

النيجر: دراسة حالة

وتقدم النيجر دراسة حالة لهذه الظاهرةK فعلى الرغم من قيام الولايات المتحدة بإنهاء مساعدتها العسكرية للبلاد بعد انقلاب يوليو (تموز) 2023 بقيادة الجنرال النيجيري عبد الرحمن تشياني، فإنها تواصل تشغيل قاعدة طائرات بدون طيار "باهظة الثمن وغير فعالة" تضم 1100 جندي أمريكي. 

وتلقى ما لا يقل عن 5 أعضاء من المجلس العسكري في النيجر تدريباً عسكرياً من الولايات المتحدة، بما في ذلك تشياني، الذي حضر ندوة حول مكافحة الإرهاب في جامعة الدفاع الوطني في واشنطن العاصمة في الفترة من 2009 إلى 2010.

وقال الكاتب إن الارتباط بين التدريب العسكري والانقلابات ليس من قبيل الصدفة.

وتسلسل أحداث هذه الانقلابات واضح، حيث تقدم الولايات المتحدة المساعدة الأمنية لجيش دولة تواجه تمرداً، لينقلب هذا الجيش بعد ذلك ضد الحكومة المدنية باسم محاربة التمرد المذكور.
وعلى الرغم من هذه الإخفاقات، فإن إدارة بايدن تنتهج السياسة ذاتها في الصومال، إن المساعدة الأمنية للصومال ليست سياسة جديدة، حيث قدمت الولايات المتحدة 500 مليون دولار كمساعدة للجيش الصومالي بين عامي 2010 و2020، على الرغم من مبلغ 2.5 مليار دولار الإضافي الذي أرسلته إلى بعثات الاتحاد الأفريقي المختلفة في البلاد.
وفي حين سحب الرئيس ترامب جميع القوات الأمريكية البالغ عددها 700 جندي من الصومال في عام 2020، تراجع الرئيس بايدن لاحقاً عن هذا القرار وأعاد ما يقدر بنحو 450 جندياً إلى البلاد.

كما دعمت الولايات المتحدة الجيش الصومالي بضربات بطائرات بدون طيار، حيث شنت 262 هجوماً منذ عام 2007.

دحر حركة الشباب

لكن هذه المساعدات لم تؤد إلى هزيمة حركة الشباب، وعلى الرغم من أن الهجوم الأخير الذي شنه الجيش الوطني الصومالي والميليشيات العشائرية المتحالفة معه، إلى جانب ضربات الطائرات بدون طيار التي شنتها الولايات المتحدة وتركيا، قد نجح في استعادة البلدات والقرى في هيرشابيلي وجالمودوج في وسط الصومال، إلا أن حركة الشباب أثبتت أنها قوة فاعلة.

وتحصل الجماعة على 100 مليون دولار من الإيرادات السنوية من ابتزاز المدنيين الصوماليين وتحصيل الضرائب وترهيب الشركات المحلية في مقديشو من خلال الهجمات بالعبوات الناسفة. 

ويرتبط نجاح حركة الشباب بشكل مباشر بعدم فعالية مؤسسات الحكم في الصومال في ظل غياب القانون وانقسام السلطة واستشراء الفساد، مما يساعد الجماعة المسلحة على تجنيد الشباب وتولي الدور الذي تلعبه الحكومة من خلال توفير الخدمات الأساسية للسكان المحليين.
ويعني ضعف الحكومة الصومالية أن حركة الشباب سوف تحتفظ بنفوذها في المستقبل المنظور.

وإذا ظلت الحكومة ضعيفة مع ازدياد قوة الجيش من خلال المساعدات والتدريب الأمريكيين، يصبح استيلاء الجيش على السلطة أكثر احتمالاً، وسوف تستمر معاناة المدنيين الصوماليين.

تقوية المجتمع المدني

وأكد الكاتب ضرورة أن ترفض الولايات المتحدة نهجها الذي يركز على الجيش وتعمل على تقوية المجتمع المدني بما فيه من مسؤولين محليين وزعماء دينيين ومجتمعيين بما يساعد هذه الجماعات في الدعوة بشكل أفضل إلى سياسات لتحسين حياة الصوماليين على الرغم من مواجهة القمع من الحكومة المركزية وحركة الشباب.
وأوضح الكاتب أن الخطوة الملموسة الأخرى التي يمكن للولايات المتحدة أن تتخذها في هذا الصدد هي زيادة التجارة الثنائية بين الولايات المتحدة والصومال، وتحديداً من خلال الموافقة على طلب الصومال بشأن قانون النمو والفرص في إفريقيا، الذي يوفر للدول الأفريقية وصولاً متزايداً إلى الأسواق الأمريكية من خلال إزالة التعريفات الجمركية على السلع الأفريقية.

التركيز على الديمقراطية والنمو الاقتصادي

ومن الممكن أن تؤدي زيادة الاستثمار الناتجة عن تحسن العلاقات التجارية إلى تحسين النمو الاقتصادي الضعيف في الصومال، مما يساعد على تهيئة الظروف لزيادة الأجور وتحسين الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية. ولا ينبغي معاقبة الشركات والعمال الصوماليين على الفشل الديمقراطي لحكومتهم، كما قررت إدارة بايدن فيما يتعلق بالغابون والنيجر وأوغندا وجمهورية إفريقيا الوسطى.
واختتم الكاتب مقاله بالقول: "لا صيغة سحرية لجعل الصومال ـ وإفريقيا ككل ـ أكثر أماناً لشعبها بشكل عام، ولكن من الواضح أن التركيز على الديمقراطية والدبلوماسية والنمو الاقتصادي سيذهب بنا إلى نتائج أفضل من مجرد إعطاء الولايات المتحدة الأولوية للمساعدات العسكرية".