الإثنين 25 مارس 2024 / 09:42

حرب تيك توك العالمية!

محمد الرشيدي - الرياض

تغيرت مفاهيم الحروب والتهديدات بين الدول، وخصوصاً الدول الكبرى وتحديداً فترة ما قبل 1991م، عام انهيار إمبراطورية الاتحاد السوفيتي (روسيا حالياً).

كانت لغة الحرب بين أهم قطبين للسياسة العالمية حرباً إعلامية بكل ما تعنيه الكلمة، ودخلت هوليوود بأفلامها الشهيرة بصورة كبيرة في هذا الصراع لتكون الأداة الإعلامية والشعبية لأمريكا لفرض قوتها وتخويف الاتحاد السوفيتي، وانتشار أفلام مرعبة، كانت البطولة بطبيعة الحال والانتصار الإعجازي للجندي الأمريكي بالأفلام، فكانت أفلام حرب النجوم والقنابل النوية ونهاية العالم أبرز مراحل تلك الفترة.

بالإضافة إلى الخطابات الإعلامية للرؤساء الأمريكيين والذين كانوا يعتمدون على قوة الوسائل الإعلامية الأمريكية وحلفائها من دول الغرب، فكان أشهر تلك الخطابات والذي تنبأ بانهيار الاتحاد السوفيتي، خطاب الرئيس الأمريكي والممثل الأمريكي الشهير (قبل الرئاسة) رونالد ريغان، عام 1983 بخطابه الشهير "إمبراطورية الشر" والذي توقع فيه قرب نهاية الاتحاد السوفيتي والنظام الاشتراكي ولم تمضِ سنوات قليلة إلا وتحقق ما أعلنه.

القنابل النووية، أفلام هوليوود، كانت الأدوات الأشهر في الحقبة الماضية في الحروب، ولكن في هذا الزمن تغيرت قواعد اللعبة، الآن نعيش حرب "وسائل التواصل الاجتماعي" أو الحرب القريبة من الشعوب أكثر من قادة السياسة، ونحن نتابع الحرب الأمريكية الصينية بهذا الخصوص والعنوان تطبيق التواصل الاجتماعي "تيك توك"!!..
فبعد أن منعت الحكومة الأمريكية موظفي الحكومة من تحميل التطبيق على جوالاتهم الرسمية، الجميع ينتظر الإعلان عن منع التطبيق في أمريكا بصورة رسمية، ليصل الأمر أن يكون الرد الرسمي الصيني فيه سخرية من هذا القرار بتصريح المتحدثة باسم الخارجية الصينية "كيف تكون أكبر قوة عظمى في العالم مثل الولايات المتحدة، غير واثقة من نفسها لتخشى التطبيق المفضل عند الشباب بهذا الشكل؟"!
ولكن أخطر تصريح من وجهة نظري بهذا الخصوص ويلامس مشاعر الأمريكيين ويثير غضبهم على قرار حكومتهم بهذا الخصوص، تصريحات الرئيس التنفيذي لتطبيق تيك توك شو تشيو "أن تطبيق مشروع القانون الأمريكي بحظر التطبيق في أمريكا، سيعرض أكثر من 300 ألف وظيفة أمريكية للخطر"، تصريح قوي في زمن ارتفاع نسبة البطالة في أمريكا، وموجه لأكثر من 170 مليون أمريكي يستخدمون التطبيق، وسيخسر الكثير من المبدعين في هذا التطبيق من الأمريكان مئات المليارات من الدولارات حسب تصريح تشيو.
لغة الأرقام في الوظائف ومليارات الدولارات قد تؤثر على قرار الأمريكان، لأن الأمر مخالف للمثالية الأمريكية الخاصة بالحريات الإعلامية، ولكن أحياناً قد يتفوق السياسي في قراره على رغبة المطالب الشعبية، ويكون الأمر عادياً بحظر تيك تك في أمريكا والدول الحليفة لها، لتستمر الحروب وتكون بدايتها "حرب تيك توك العالمية" ولكن ليست بالأسلحة النووية أو الخطابات السياسية، وإنما بتطبيقات قد يكون محتواها تافهاً ولكنه مؤثر إذا رغبت الدول الكبرى أن تستغله.