الجمعة 29 مارس 2024 / 09:02

حرب الاستيطان

افتتاحية صحيفة الخليج الإماراتية

كان لافتاً أن تقوم إسرائيل بأكبر عملية مصادرة للأراضي الفلسطينية منذ اتفاقية أوسلو عام 1993 بالتزامن مع الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى تل أبيب.

وجاء ذلك في ذروة حرب الإبادة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، بما يعد تحدياً سافراً للولايات المتحدة وللمجتمع الدولي الذي أكد في أكثر من قرار صدر عن مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة عدم شرعية مصادرة الأرض والاستيطان وتغيير التركيبة الديموغرافية للأراضي الفلسطينية المحتلة.
وانطلاقاً من موقفها التاريخي الداعم للحق الفلسطيني والرافض للممارسات الإسرائيلية، فقد دانت دولة الإمارات مصادرة إسرائيل لأراضٍ فلسطينية تبلغ مساحتها 8000 دونم من منطقة الأغوار، وأعلنت «رفضها لجميع الإجراءات التي تستهدف تغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولكافة الممارسات المخالفة لقرارات الشرعية الدولية، والتي تهدد بالمزيد من التصعيد والتوتر في المنطقة، وتعيق جهود تحقيق السلام والاستقرار»، ودعت إلى «وضع حد للممارسات غير الشرعية التي تهدد حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة».
وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش أعلن مصادرة هذه المساحة من الأرض في خطوة وصفها بأنها «كبيرة ومهمة للاستيطان» في المنطقة الواقعة على السفوح الشرقية للضفة الغربية. وسوف تستخدم لبناء مئات الوحدات السكنية، بالإضافة إلى منطقة مخصصة للصناعة والتجارة والتوظيف.
يذكر أن إسرائيل صادرت خلال العام 2023 ما مجموعه 50524 دونماً تحت مسميات محميات طبيعية، وأوامر استملاك، وأوامر وضع يد، مقارنة مع مصادرة نحو 24 ألف دونم عام 2022، كما تم تهجير 25 تجمعاً بدوياً فلسطينياً تتكون من 266 عائلة تضم 1517 فرداً تم ترحيلهم إلى أماكن أخرى.
إضافة إلى مصادرة الأرض والتهجير، فإن الضفة الغربية باتت تنوء بالمستوطنات والمستوطنين، حيث بلغ عدد المستوطنات 180 مستوطنة و194 بؤرة استيطانية، منها 93 بؤرة رعوية، من بينها 12 مستوطنة في مدينة القدس، تضم أكثر من 730 ألف مستوطن.
ووفقاً لتقرير نشرته مجموعة داعمة للاستيطان فإن عدد المستوطنين في الضفة الغربية زاد بنسبة 3% عام 2023، وتوقع «نمواً متسارعاً» لأعداد المستوطنين في الضفة خلال السنوات القادمة.
تحثّ إسرائيل الخطى على توسيع الاستيطان والتهويد ومصادرة الأرض وتهجير الفلسطينيين بعد مصادرة بيوتهم من أجل التعجيل بتغيير الديموغرافيا واستيراد المزيد من المستوطنين وزرعهم في الأرض الفلسطينية، تنفيذاً لقانون «يهودية دولة إسرائيل» الذي أقره الكنيست عام 2018 الذي يعطي اليهود فقط «حق تقرير المصير»، والحق «لكل يهودي في الهجرة إلى إسرائيل والحصول على الجنسية الإسرائيلية»، ومن أجل استيعاب اليهود الجدد تتم مصادرة الأرض الفلسطينية، باعتبارها «يهودا والسامرة» اليهودية، وفقاً للبند السادس من القانون الذي يقول «تعمل الدولة على تجميع شتات اليهود في الخارج وتعزيز المستوطنات الإسرائيلية في أراضيها (الضفة الغربية) وتوفير المواد لذلك».
إسرائيل تعلن يومياً أنها لن تقبل بقيام دولة فلسطينية «تهدد وجودها»، ولا تعترف بالشعب الفلسطيني أصلاً. بل هي لا تعترف بقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي.. فمن يقيم هذه الدولة الفلسطينية؟ وأين ستقام؟ وهل تركت إسرائيل مكاناً لتقوم عليه؟!
إسرائيل تخوض حرباً على أكثر من جبهة، حرب إبادة في غزة، وحرب على الأرض لتغيير الديموغرافيا من خلال تسريع الاستيطان ومصادرة الأرض باعتبارهما حرب وجود.