القوات الفرنسية (إكس)
القوات الفرنسية (إكس)
الأربعاء 17 أبريل 2024 / 16:22

كيف سترد روسيا على إرسال ماكرون قوات لأوكرانيا؟

رأت دراسة أوروبية حديثة، أنّ تلميح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى احتمال نشر قوات غربية في أوكرانيا هو مُقترح غير مُتفق عليه، مؤكدة أنّ ألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية والولايات المتحدة لا ترغب في تصعيد الصراع مع روسيا، أو انزلاق الأزمة إلى مواجهة عسكرية مباشرة بينهما، تتضاءل معها قُدرة السيطرة على التصعيد المُستقبلي.

وتشعر باريس بالقلق بسبب ضعف القوات الأوكرانية وطول أمد الحرب، وسبق أن ناقشت السلطات الفرنسية في العام 2023 بسرية تامة مسألة إرسال قوات عسكرية إلى أوكرانيا. وذلك في أعقاب الإخفاقات التي رافقت الهجوم المُضاد الذي شنته أوكرانيا على مواقع عسكرية روسية.

وأشارت الدراسة التي أصدرها المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات في بون، إلى أنّ الحلفاء الغربيين وروسيا على حدّ سواء، يُدركون خطورة انزلاق الحرب إلى مواجهة مباشرة بين الطرفين، وما سيترتب عليه من تداعيات غاية في الخطورة على الأمن والسياسة والاقتصاد العالمي، لذلك يُحاول كل طرف ضبط النفس والبُعد تماماً عن أية مسارات للتصعيد.

وبالمُقابل، تسعى الدول الأوروبية للإبقاء على المساعدات العسكرية والاقتصادية لكييف، وما تزال تُراهن عليها رغم فشل الهجوم المُضاد، وتأمل دول التحالف الغربي في تحقيق نصر لأوكرانيا أو عدم انتصار روسيا بحدّ أدنى، لكنّ واقع الحرب يختلف ربّما عن تلك الطموحات حيث تُشير غالبية التقديرات للتفوق الروسي في الحرب.

ودعت الدراسة للحفاظ على تماسك حلف الناتو كأمر بالغ الأهمية من خلال التخطيط المُشترك للردّ على التصعيد الروسي مع السعي للحفاظ على قنوات الاتصال الدبلوماسية والعسكرية مع موسكو التي يُمكن أن توقف دوامة التصعيد.

تهديد روسي بمصير نابليون

وأثارت تصريحات ماكرون بشأن احتمال إرسال قوات فرنسية إلى أوكرانيا لمواجهة روسيا حالة جدل دولي واسعة. وترفض الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي إرسال أي قوات للمواجهة المباشرة في روسيا منذ بداية الأزمة قبل أكثر من عامين.

وتعهدت روسيا من جهتها بالرد بشكل مباشر على تواجد أي قوات أوروبية في أوكرانيا في ضوء ما صرّح به الرئيس الفرنسي، ما أثار تخوّفات من احتمالات حدوث مواجهة مباشرة بين الغرب وروسيا، الأمر الذي سيخلف تداعيات سياسية واقتصادية خطرة على المستوى الدولي.

وحذّر حلفاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أنّ أيّ قوات يُرسلها ماكرون إلى أوكرانيا، ستواجه نفس نهاية جيش نابليون بونابرت الكبير الذي انتهى غزوه لروسيا عام 1812 بالموت والهزيمة. وحذّر رئيس مجلس الدوما الروسي فياتشيسلاف فولودين حلفاء كييف الأوروبيين من أنّ إرسال قوات للقتال في أوكرانيا سيؤدي إلى حتمية الحرب بين روسيا وحلف شمال الأطلسي.

وكان جهاز المخابرات الروسي كشف في مارس (آذار) الماضي، أنّ فرنسا تخطط لإرسال 2000 جندي للأراضي الأوكرانية، مُحذّراً بدوره من أنّهم سوف يكونون "أهدافاً مشروعة إذا جاءوا إلى عالم روسيا". وذلك بينما تُظهر موسكو بالفعل تصعيدداً فُي قدراتها العسكرية في الحرب، حيث عززت بشكل كبير وجودها العسكري في أوكرانيا بزيادة بنحو 100 ألف جندي بالمُقارنة مع بداية الحرب، ليصل عددهم اليوم إلى نحو 200 ألف جندي.

السلاح النووي التكتيكي احتمال قائم!

وبحسب الدراسة الأوروبية، يبقى احتمال استخدام سلاح نووي تكتيكي من جانب روسيا قائماً، خاصة إذا شعرت أنّ وجودها مهدد بشكل خطير، فقد تكون أكثر عرضة لاستخدام الأسلحة النووية. ويرتبط هذا الخيار أيضاً باستمرار أو تكثيف الدعم العسكري الغربي لأوكرانيا أو تدخل دول الغرب في الحرب بشكل مباشر.

وتمتلك روسيا ترسانة كبيرة من الأسلحة النووية التكتيكية. وهي صواريخ وقذائف أصغر حجماً وأقل قوة من الأسلحة النووية الاستراتيجية، وهي تهدف إلى استخدامها في ساحة المعركة لتحقيق أهداف عسكرية محددة.

هل يحق لروسيا أن تُوجّه ضربات إلى فرنسا؟

ويرى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات الذي يتخذ من ألمانيا وهولندا مقرّات رئيسة له، أنّه إذا أصبحت فرنسا منخرطة في الحرب المباشرة فإنّ روسيا يحق لها من الناحية النظرية والقانون الدولي، توجيه ضربات إليها.

وتحظر القوانين الدولية استخدام القوة العسكرية ضدّ دولة أخرى دون مبرر قانوني. وينص ميثاق الأمم المتحدة على أنه يجب على الدول حل النزاعات سلمياً وتجنّب استخدام القوة العسكرية. وتتمتع فرنسا وروسيا بعلاقات دبلوماسية رسمية، والهجوم على فرنسا سيكون انتهاكاً صارخاً لهذه العلاقات.

وأي هجوم على فرنسا من قبل روسيا سيؤدي إلى تصعيد كبير للحرب وقد يُشعل حرباً عالمية. ستتخذ الدول الغربية، بما في ذلك أمريكا والدول الأعضاء في حلف الناتو، إجراءات قوية ضدّ روسيا إذا هاجمت فرنسا. لكن في الوقت الراهن لا يوجد أي مبرر قانوني أو أخلاقي لروسيا لمهاجمة فرنسا.

وأيّ هجوم من هذا القبيل سيكون له عواقب وخيمة على روسيا والعالم بأسره. فرنسا عضو في حلف الناتو، وهو تحالف عسكري دفاعي. وذلك يعني أنّ أيّ هجوم على فرنسا سيُعتبر هجوماً على جميع الدول الأعضاء في الحلف. بالإضافة إلى ذلك، تمتلك فرنسا ترسانة نووية قوية، والمرجح أن تُستخدم هذه الترسانة للدفاع عن النفس في حال تعرّضها لهجوم.

ما هي أسباب إرسال قوات فرنسية إلى أوكرانيا؟

وتُعدّد دراسة أخرى حديثة للمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، عدّة أهداف لمُقترح ماكرون إرسال قوات فرنسية إلى أوكرانيا منها: رأب الصدع بين حزب ماكرون والمعارضة من خلال إجبارها على نفي تهمة الإفراط في الولاء لروسيا. وكذلك تحقيق مكاسب سياسية في انتخابات البرلمان الأوروبي.

كما لا يُمكن يمكن فصل سبب إرسال قوات فرنسية لأوكرانيا عن تنامي النفوذ الروسي في إفريقيا من خلال مجموعة فاغنر العسكرية الخاصة، مُقابل تراجع الوجود الفرنسي في القارة السمراء.

وذلك بالإضافة إلى هدف استعادة قيادة أوروبا، حيث يرى إيمانويل ديبوي رئيس مركز الاستشراف والأمن في أوروبا أنّ ماكرون يريد استعادة قيادة أوروبا وتعزيز زعامة بلاده، وذلك بالتزامن مع إعلان وزارة الدفاع الفرنسية تسليمها مساعدات عسكرية لأوكرانيا تصل إلى 2.6 مليار يورو.

هل يتدخل الناتو لحماية الجنود الفرنسيين في أوكرانيا؟

وبحسب المركز البحثي الأوروبي، فإنّه لا توجد خطط حالية لحلف شمال الأطلسي لنشر قوات قتالية على الأرض في أوكرانيا. لذلك فمن المتوقع أنّ الحلف لن يحمي قوات أي بلد عضو بمن فيها فرنسا، حيث لا يشمل ميثاق حلف الناتو حماية قوات أعضائه خارج أراضيها.

وتحتل فرنسا المرتبة الرابعة كدولة نووية دولياً، كما يحتل الجيش الفرنسي المرتبة الثانية على المستوى الأوروبي، والمرتبة السابعة على مستوى العالم.

ولكن يبدو أنّ تدخل حلف شمال الأطلسي في أوكرانيا أصبح مُجرّد آراء، حيث يأتي بيان ماكرون في وقت تمّ فيه تخفيف الموقف الأمريكي بشأن دعم أوكرانيا بسبب الخلافات الحزبية في الكونغرس. إلا أنّ مواقف دول الاتحاد الأوروبي بشأن أوكرانيا تنقسم بشدّة.