الأربعاء 17 أبريل 2024 / 19:11

الإمارات.. تجربة عملية في فن إدارة الأزمات


تعرّضت دولة الإمارات العربية المتحدة خلال اليومين الماضيين إلى موجة أمطار غير مسبوقة، لم تشهدها خلال الـ 75 سنة الماضية، بحسب المصادر والسجلاّت الرسمية.
هذا الحدث الاستثنائي سلّط الضوء ليس فقط على التحديات البيئية الراهنة، بل كذلك على القدرات الفائقة التي أظهرتها الجهات الحكومية في التعامل مع مثل هذه الأزمات.
‎الأمطار التي هطلت على دولة الإمارات لم تكن مجرد زخات مطر عادية، بل كانت غزيرة بما يكفي لتغطية الشوارع وتعطيل الرحلات الجوية، كما حدث في بعض المطارات، وهو الأمر الذي أدى إلى تعطيل الحياة اليومية والأعمال جزئياً لبعض الوقت. ومع ذلك، برهنت الإمارات على قدرتها على التعامل مع هذه الأزمات بكفاءة عالية، حيث تمكنت الجهات الرسمية، بما في ذلك الدفاع المدني والبلديات، من تصريف المياه وإعادة فتح الطرق والمطارات في وقت قياسي.
‎كما لعب الإعلام الحكومي دوراً هاماً ومحورياً في إدارة هذه الأزمة من خلال التوعية المستمرة وتحديث المعلومات بشكل دوري، عبر جميع وسائل التواصل المعروفة من القنوات التلفزيونية إلى الإذاعات، والمنصات الإلكترونية، التي أدّت جميعها الدور المنوط بها على أكمل وجه في توجيه المواطنين والمقيمين، وبلغات مختلفة، حول كيفية الحفاظ على سلامتهم والتعامل مع الأمطار الغزيرة والسيول الجارفة. هذا النوع من التواصل ساعد في تقليل حالة القلق، والتأكيد على أن الحكومة لديها خطة محكمة للتعامل مع الوضع.
‎إن السرعة والاحترافية التي أظهرتها السلطات في التعامل مع هذا الحدث الاستثنائي تعكس مستوى التحضير والجاهزية الذي تتمتع به الإمارات، وهذا لم يأتِ من فراغ، بل نتيجة للاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية والتخطيط الحضري المستدام، الذي يتضمن أنظمة تصريف مياه متطورة ومشاريع للحماية من الفيضانات.
‎علاوة على ذلك، كان للتعاون المحكم بين الجهات الحكومية المختلفة دور بارز في إدارة الأزمة. فقد تم تنسيق الجهود بين الوزارات والهيئات بشكل يضمن أفضل استجابة ممكنة. وقد تجلى ذلك في الإعلانات المتكررة والتحديثات المستمرة التي قدمتها الحكومة للمواطنين، مما ساعد على تهيئة وتهدئة الرأي العام وتوجيه الناس نحو كيفية التعامل الأمثل مع الوضع.
‎كما أظهرت دولة الإمارات جاهزية كبيرة في العمل والدراسة عن بُعد وذلك بفضل الاستثمارات المستمرة في تكنولوجيا المعلومات والبنية التحتية الرقمية، فخلال السنوات الماضية، عملت دولة الإمارات على تطوير منصات التعليم الإلكتروني وتعزيز قدرات العمل عن بُعد، مما سمح بانتقال سلس للعديد من الموظفين والطلاب إلى النمط الرقمي بمجرد الإعلان عن إغلاق الطرق والمؤسسات التعليمية.
‎الشبكة الرقمية المتقدمة في الإمارات والتحول الرقمي الذي خضعت له معظم القطاعات جعلا من السهل استمرار العمليات التجارية والتعليمية دون تأثير أو انقطاع يذكر، حتى في أوقات الأزمات. هذه الجاهزية ساهمت بشكل كبير في التخفيف من الآثار السلبية للأمطار الغزيرة على الحياة اليومية والحفاظ على استقرار الاقتصاد والنظام التعليمي.
‎الدروس المستفادة من هذه التجربة غنية ومتعددة، ولعل أبرزها هو أهمية الاستعداد المسبق لمواجهة التحديات الطبيعية. كما أن هذه الأزمة أظهرت أهمية التواصل الفعّال بين الحكومة والشعب، والذي يعد عاملاً حاسماً ومهماً في إدارة الأزمات بنجاح.