الخميس 23 مايو 2024 / 08:48

كوابيس إسرائيلية

افتتاحية الخليج

لم تخرج إسرائيل من صدمة طلب المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية إصدار مذكرة اعتقال لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير حربه يولاف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب وحرب إبادة، حتى نزلت عليها صدمة ثانية بقرار ثلاث دول أوروبية الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

وإذا كان القرار الأول أصاب قادة إسرائيل بحالة من الجنون، واعتبروه بمثابة «عمى أخلاقي» و«نفاق» و«كارثة»، فيما هددت الولايات المتحدة بفرض عقوبات على المحكمة ومسؤوليها، إلا أن صدمة اعتراف النرويج وإسبانيا وإيرلندا بالدولة الفلسطينية نزلت عليها كالصاعقة، ما دفع وزير خارجيتها يسرائيل كاتس إلى استدعاء سفيري إيرلندا والنرويج «لإجراء مشاورات طارئة»، كما هدد بأن إسرائيل «لن تلتزم الصمت، لأن الخطوات متسرعة وستكون لها عواقب وخيمة».
رئيس الوزراء النرويجي يوناس غارستون أكد وهو يعلن الاعتراف بالدولة الفلسطينية «نوجّه رسالة قوية للدول الأخرى كي تحذو حذونا، وحذو دول أوروبية أخرى للاعتراف بدولة فلسطينية قد يؤدي لاستئناف مسار حل الدولتين ومنحه زخماً جديداً». وقال رئيس الوزراء الإيرلندي سيمون هاريس وهو يعلن الاعتراف بالدولة الفلسطينية: «إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية هو الحل الوحيد للسلام وإنهاء العنف في المنطقة»، وقال: «إيرلندا تعترف بدولة فلسطين، ونثق بأن مزيداً من الدول ستنضم إلينا الأسابيع المقبلة»، وأكد «أن لا مستقبل للنسخة المتطرفة من الصهيونية التي تغذي عنف المستوطنين والاستيلاء على الأراضي».
من جهته أفاد رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز «نقول للفلسطينيين الأبرياء بأننا معهم رغم التدمير والحصار، فإن دولة فلسطين في قلوبنا»، واتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بأنه «يرفض حل الدولتين ويعرّض الشرق الأوسط للخطر» من خلال سياسة «المعاناة والدمار» التي ينتهجها في غزة، وأشار إلى أن بلاده سوف تواجه التهديدات الخارجية عبر الآليات الديمقراطية، في إشارة إلى التهديدات الإسرائيلية.
إن سبحة الاعترافات الأوروبية بالدولة الفلسطينية سوف تتواصل، حيث من المتوقع أن تحذو دول أخرى حذو الدول الثلاث، إذ إن مالطا وسلوفينيا أشارتا مؤخراً إلى أنهما سوف تعترفان بالدولة الفلسطينية، كما أن وزيرة خارجية بلجيكا حجة الحبيب كانت أعلنت قبل أيام أن «الاعتراف بالدولة الفلسطينية خطوة حاسمة نحو حل الدولتين».
إن الاعتراف العالمي المتعاظم بالدولة الفلسطينية هو تأكيد جديد على أن القضية الفلسطينية تأخذ مساراً جديداً من التأييد العالمي، ويضعها على الطريق الذي يحقق للشعب الفلسطيني آماله في وطن يعيش فيه بحرية وكرامة، ويخفف عنه بطش الاحتلال وجرائم الحرب ومصادرة الأرض، ويعيد إليه بعض حقوقه المغتصبة.
الاعتراف الذي جاء في ذروة حرب الإبادة على قطاع غزة، وبعد تأييد 143 دولة في الأمم المتحدة قبل أيام لمشروع دولة الإمارات الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وبعد قرار العديد من الدول قطع علاقاتها مع إسرائيل أو سحب سفرائها احتجاجاً على الجرائم التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في غزة، يعتبر بمثابة هزيمة دبلوماسية لإسرائيل ولسياساتها القائمة على التوسع والعدوان، ورفضاً للاحتلال، ورداً حاسماً على محاولات إسرائيل التملص من تنفيذ القرارات الدولية بشأن حق تقرير المصير والانسحاب من الأراضي العربية المحتلة وقيام الدولة الفلسطينية، كما أنه من جهة أخرى يعتبر تحدياً للموقف الأمريكي الذي يشترط قيام الدولة الفلسطينية من خلال المفاوضات وليس من خلال المنظمة الدولية كي يبقيها رهينة بالموقف الإسرائيلي.
إنها كوابيس وصدمات تتساقط على رأس إسرائيل دفعة واحدة، وتضعها في عزلة دولية خانقة لأول مرة منذ إنشائها.