الخميس 23 مايو 2024 / 09:08

أوكرانيا بلا رئيس!

ماجد حبته - الدستور المصرية

مع تصاعد ضغط قواتها على محاور القتال، استغلت روسيا انتهاء ولاية فولوديمير زيلينسكي الرئاسية، صباح الثلاثاء، ونشرت تقريراً عن الأوضاع الداخلية في أوكرانيا، قال إن ما يزيد على 90% من الأوكرانيين يرغبون في مغادرة البلاد، و70% فقدوا ثقتهم في المؤسسات الحكومية ووسائل الإعلام الأوكرانية، كما ذكر التقرير أن زيلينسكي، الذي انخفضت شعبيته إلى 17%، دفعه شعوره بضعف موقفه بين الأوكرانيين، إلى إطلاق عمليات تطهير لكبار المسؤولين.

بفوزه في الانتخابات الرئاسية السابقة، أو الأخيرة، التي جرت جولتها الأولى أواخر مارس (آذار) 2019، ثم جولتها الثانية في أبريل (نيسان) التالي، أدى الممثل الكوميدي السابق اليمين الدستورية رئيساً لأوكرانيا في 20 مايو (أيار) من تلك السنة، وكان أبرز وعوده، خلال حملته الانتخابية، أنه لن يترشح لولاية ثانية.

ولأن مدة الولاية الرئاسية 4 سنوات، كان من المقرر إجراء الانتخابات، نهاية مارس (آذار) الماضى، على أن يتم تنصيب الرئيس المنتخب، وأداؤه اليمين، خلال الشهر الجاري، غير أن زيلينسكي، أعلن في نوفمبر(تشرين الثاني) الماضي عن إلغاء تلك الانتخابات، بزعم أن "الوقت ليس مناسباً لإجرائها"، وصباح أمس الأول الثلاثاء، قال لوكالة رويترز، إن سنواته الخمس لم تنته بعد، بموجب الأحكام العرفية!



في المقابل، أكد مجلس النواب الروسي "الدوما" أن الرئيس الأوكراني بات فاقداً للشرعية، ولا يمكن التعامل معه بعد الآن بوصفه رئيساً لدولة، بل سيتم التعامل معه بصفته "مجرم حرب". بينما قال ديميتري مدفيدف، نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، إن الرئيس الزائف لأوكرانيا كان وسيظل "هدفاً عسكرياً مشروعاً" ولن يغير فقدانه شرعيته في الأمر شيئاً. أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فقال خلال زيارته الأخيرة للصين، إن "مسألة شرعية زيلينسكي بعد انتهاء ولايته، تهم روسيا، لأن أى وثائق مصيرية لا يمكن التوقيع عليها إلا مع سلطة شرعية"، لكنه أوضح أن هذه المسألة متروكة لـ"النظام القانونى في أوكرانيا نفسها"، مشيراً إلى أن "دستور الدولة المجاورة يحتوي على بعض الخيارات التي ينبغي أن تقيمها محكمتها الدستورية"، ما قد يعني أن بوتين يراهن على تحرّك الداخل الأوكراني. 
الطريف هو أن الداعمين الغربيين لأوكرانيا لم يجدوا ما يدعو للقلق في استمرار "زيلينسكي". إذ قالت أنالينا باربوك، وزيرة خارجية ألمانيا، مثلاً، إن بلادها ستواصل التعامل معه باعتباره الرئيس الشرعي والقانوني لأوكرانيا، وقالت في مؤتمر صحافي عقدته مع نظيرها الأوكراني، إن دستور أوكرانيا ودساتير دول أخرى عديدة لا تنص على إجراء الانتخابات خلال فرض الأحكام العرفية!
الأكثر طرافة كان ذلك التقرير الذي نشرته مجلة الـ"إيكونوميست"، في مايو(أيار) الجاري، واتهمت فيه من سيتحدثون عن انتهاء شرعية زيلينسكي، بعد يوم 21 مايو، بأنهم "يروجون للدعاية الروسية"، زاعمة صعوبة "إجراء انتخابات عندما يحتل الأعداء أرضك أو يمطرونها بالقنابل، وعندما تكون أعداد كبيرة من مواطنيك بعيدة عن البلاد".

مع أن المجلة البريطانية نفسها، ذكرت في التقرير ذاته أن لينكولن فاز في الانتخابات الرئاسية، سنة 1864، حينما كانت الولايات المتحدة، تشهد حرباً أهلية طاحنة، وأن روزفلت حصل على فترة ولايته الرابعة، سنة 1944، بينما كانت القوات الأمريكية تقاتل في جميع أنحاء العالم!
بشكل أكثر اتزاناً، أشارت جريدة "واشنطن بوست" الأمريكية، إلى أن الرئيس الأوكراني يمكن اتهامه بـ"تقويض الديمقراطية في أوكرانيا". وكان أهم ما ذكرته الجريدة هو أن أندريه يرماك، مدير مكتب زيلينسكي، صار بسبب ظروف الحرب والأحكام العرفية، يتمتع بصلاحيات لا يمكن تمييزها عملياً عن صلاحيات رئيسه. كما أوضحت الجريدة أن "قرب يرماك من زيلينسكي وتأثيره الواضح عليه يسببان موجة من الانتقادات، ليس فقط لأنه عزز سلطاته بشكل غير ديمقراطي، لكن أيضاً لقيامه بعمليات عزل غير ضرورية لمسؤولين كبار، أبرزهم فاليري زالوجني، القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية". 
وتبقى الإشارة إلى أن وزارة الداخلية الروسية كانت قد أعلنت، في بداية مايو الجاري عن إدراج "زيلينسكي"، على قائمة المطلوبين، في خطوة رآها البعض مقدمة لملاحقته بعد انتهاء ولايته.