قبل أن يقيم الطلاب مخيم احتجاج مؤيد للفلسطينيين في حديقة جامعة كولومبيا الأسبوع الماضي، درس بعضهم مادة "كولومبيا 1968" الاختيارية عن الاحتجاجات على حرب فيتنام والتي يرونها شبيهة لنشاطهم الاحتجاجي الحالي في الحرم الجامعي.

ووقف فرانك جوريدي، أستاذ التاريخ في جامعة كولومبيا الذي يدرس هذه المادة منذ 2017، مع اثنين من طلابه بجوار المخيم في حرم الجامعة الواقعة بمدينة نيويورك يوم الخميس لمناقشة أوجه التشابه بين الاحتجاجات على حرب فيتنام والاحتجاجات الحالية المؤيدة للفلسطينيين في ندوة بعنوان "1968: مواصلة القتال". كان المحتجون يستمعون وهم يجلسون على فرش على الأرض العشبية أمام خيامهم بينما يتناولون وجبات مجانية خفيفة.
وأوقفت إدارة الجامعة عشرات الطلبة المحتجين وسمحت بالقبض عليهم الأسبوع الماضي. ويقول بعضهم إنهم يطبقون ما تعلموه ودرسوه في الجامعة في معارضة الحرب الإسرائيلية على غز
وقال بو تانغ، طالب التاريخ في السنة الثانية بالجامعة، إنه ضمن مجموعة بحث للطلبة المحتجين تنظر في استراتيجيات وتكتيكات حركات العدالة الاجتماعية الماضية والحالية "لمحاولة تعلم الدروس منها".
وأضاف تانغ أن المجموعة أجرت مقابلات مع خريجين شاركوا في احتجاجات 1968 وأنهم توصلوا إلى بعضهم من خلال المادة التي يدرسها جوريدي، ما جعلهم ينشرون دروساً حول بناء الدعم لحركات الاحتجاج.
يقول تانغ وطلاب آخرون إن زملاء الدراسة والأساتذة الذين كانوا لا يعرفون شيئاً عن الاحتجاج ظهروا في موقع المخيم بعد استدعاء الشرطة، ومنهم أعضاء في هيئة التدريس، ارتدوا سترات صفراء للمساعدة في الأمن والسلامة.
كما ظهرت خيام احتجاجية في جامعات بأنحاء الولايات المتحدة وخارجها تضامناً مع طلبة جامعة كولومبيا، ما أثار انتقادات من البيت الأبيض والعديد من أعضاء الكونغرس الجمهوريين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الذين اتهموا المحتجين بمعاداة السامية وترهيب أقرانهم اليهود.
غير أن العديد من الطلاب اليهود، وبعضهم من المنظمين للاحتجاج، عبروا عن غضبهم من المزاعم عن معاداة السامية. وعلى مدى ساعات طويلة أمضوها في المخيم هذا الأسبوع، شاهد صحافيو رويترز الطلاب يتحدثون بشكل سلمي وودي ويقرأون ويأكلون ويقيمون الصلوات اليهودية والإسلامية.
كما نُظمت عروض لموسيقى الجاز ومحاضرات ودورات في الإسعافات الأولية وعروض لأناشيد ثورية مؤيدة للفلسطينيين وورش عمل في الكتابة. وفي بعض الأحيان تدور مناقشات ساخنة لكنها تخلو من العنف بين يهود مناهضين للصهيونية وطلبة مؤيدين لإسرائيل يزورون المخيم.


وأقام الطلبة المحتجون المخيم فجر 17 أبريل (نيسان) دون إذن من إدارة الجامعة، مطالبين إياها بسحب استثماراتها من شركات تصنيع الأسلحة وغيرها من الشركات التي تدعم الحكومة والجيش الإسرائيليين.
وقاد الاحتجاجات، التي نظمت بالتحالف مع عشرات المجموعات الطلابية الأخرى، فرعا مجموعتي طلاب من أجل العدالة في فلسطين، والصوت اليهودي من أجل السلام في جامعة كولومبيا. وسبق أن أوقفت الجامعة حضور الطلبة المنتمين لالمجموعتين في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بسبب احتجاج سابق غير مصرح به مؤيد للفلسطينيين.

وفي اليوم التالي لنصب المخيم استدعت رئيسة الجامعة نعمت مينوش شفيق الشرطة التي اعتقلت 108 طلاب بتهمة التعدي على ممتلكات الغير، ما أثار غضب بعض أعضاء هيئة التدريس. ومنذ ذلك الحين، أعاد الطلبة بناء المخيم الذي صار أكثر نشاطاً.
وتقول رئيسة الجامعة، التي رفضت طلبات لمقابلة معها عبر متحدث باسمها، إنها اتصلت بالشرطة في إجراء أخير لمواجهة خرق القواعد وأن المخيم أثار "الضغينة" داخل الحرم الجامعي، وأن سياسة الجامعة لا يمكن أن تمليها مجموعة طلابية أو بعض أعضاء هيئة التدريس.
وكتبت في رسالة داخلية بالبريد الإلكتروني "لدينا مطالبنا، وهم لديهم مطالبهم".
وخلال الندوة أبلغ جوريدي والطالبان معه المحتجين كيف غضب أسلافهم في 1968 من إجراءات تأديبية اتخذتها جامعة كولومبيا ضد ستة طلاب احتجوا على علاقات الجامعة بأبحاث الأسلحة وخططها لبناء صالة ألعاب رياضية تكرس الفصل العنصري.
واحتل محتجون في 1968 عدداً من المباني في الحرم الجامعي، واحتجزوا القائم بأعمال العميد رهينة مدة يوم. وأنهت الشرطة الاحتجاج بشكل عنيف بعد أسبوع وقبضت على نحو 700 طالب.
لكن المحتجين في 2024 قرروا احتلال حديقة واحدة في الحرم الرئيسي لجامعة كولومبيا، مع الإشارة إلى أن مديري الجامعة خصصوا هذه المساحة لتنظيم الاحتجاجات لكن بعد موافقة مسبقة.
وقالت مريم علوان، وهي طالبة أمريكية من أصل فلسطيني في السنة الثالثة كانت بين الذين قبضت عليهم الشرطة، ومُنعت من دخول الجامعة في الأسبوع الماضي، إن اختيار الحديقة المحاطة بالسياج التي يسهل تخطيها كان حتى لا يتهمهم المسؤولون بتعطيل الفصول الدراسية.
وأضافت "اطلعنا على بعض صور احتجاجات 68". هناك صورة شهيرة لاحتجاجات 1968 يظهر فيها الطلبة يحملون لافتة كبيرة كتب عليها "منطقة محررة". ويرفع المحتجون حالياً لافتة مماثلة فوق مخيمهم، وعبرت مريم علوان عن سعادتها بانتشار هذه اللافتة في جامعات أخرى.
وقال جوريدي في مقابلة بعد الندوة: "هذا ليس مخيماً تدريبياً للثورة... هذه دراسة للتاريخ".