عندما وصل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل، من أجل الضغط للتوصل إلى اتفاق لوقف النار، وجد أن رئيس وزرائها بنيامين نتانياهو في موقع أقوى حيال حليفه الأكثر أهمية، وأقل عرضة للضغوط، مما كان عليه قبل بضعة أسابيع.

نتانياهو في مأزق، بسبب الضغوط التي يتعرض لها


ففي أوائل أبريل (نيسان)، تعرض نتانياهو للتوبيخ علناً من إدارة الرئيس جو بايدن، بسبب قتل إسرائيل 7 من موظفي الإغاثة في ما قالت إنه خطأ تخلل قواعد الاشتباك. ودعا رئيس مجلس الشيوخ الأمريكي تشاك شومر علناً إلى استبدال نتانياهو، الذي يعاني أيضاً في استطلاعات الرأي.
واستقرت شعبية نتانياهو في استطلاعات الرأي بعد الهجوم الإيراني بالصواريخ والمسيّرات على الأراضي الإسرائيلية، بينما إدارة بايدن واقعة تحت الضغط، بعدما انتشرت الاحتجاجات المناهضة لحرب إسرائيل على غزة في أنحاء الجامعات الأمريكية. ويحتاج بايدن إلى موافقة الزعيم الإسرائيلي على وقفة في القتال، من أجل تخفيف الضغط المحلي في ما يتعلق بالنزاع.
وقالت إسرائيل إنها مستعدة لإرسال وفد إلى القاهرة، حيث قدم الوسطاء العرب في وقت سابق من هذا الأسبوع لحماس خطة جديدة لوقف القتال مقابل إطلاق الرهائن الذين تحتجزهم في القطاع. وينظر إلى الاقتراح على أنه الفرصة الأخيرة لتأخير الهجوم الإسرائيلي على مدينة رفح بجنوب قطاع غزة، والذي قال نتانياهو إنه ضروري لتدمير الوحدات العسكرية المتبقية للحركة واستكمال أهداف الحرب.

موقف حرج


وتقول صحيفة "وول ستريت جورنال" إن نتانياهو  يبقى في موقف حرج جداً. ويدفعه أعضاء في مجلس الحرب المصغر إلى إبرام صفقة لإطلاق الرهائن، لكن الوزراء من الجناح اليميني في ائتلافه الحكومي الأوسع يهددون بإسقاط حكومته، إذا أبرم اتفاقاً يحول دون عملية رفح. وبينما تحسنت شعبيته في استطلاعات الرأي عما كانت عليه في بداية الحرب، فإن الاستطلاعات تظهر أن حزب الليكود الذي يتزعمه نتانياهو سيفوز بمقاعد أقل بكثير في الانتخابات المقبلة عما فاز به في الجولة الأخيرة، وأكثر من نصف الإسرائيليين يريدون منه الاستقالة.

 


ويسعى الوسطاء العرب إلى دفع إسرائيل وحماس للموافقة على اتفاق، على رغم ما يبدو من أهداف متناقضة للجانبين. وتريد حماس أن يتضمن الاتفاق بنداً عن وقف نهائي للحرب، بينما يقول نتانياهو إنه لن يتراجع عن تدمير البنية العسكرية للحركة.
ويقول الوسطاء إن حماس قد أعربت عن قلقها حيال تصريحات لمسؤولين إسرائيليين في الأيام الأخيرة تشير إلى أنهم يتوقعون مواصلة العمليات العسكرية، على رغم طرح فترة هدوء أطول من أجل إطلاق الرهائن.

العقبة الرئيسية


وينظر البيت الأبيض بشكل متزايد إلى نتانياهو باعتباره العقبة الرئيسية أمام أهدافه الأوسع في حرب غزة. وسبق بايدن أن حذر نتانياهو من ائتلافه المتشدد. وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة تل أبيب والنائب الإسرائيلي السابق يوسي شاين، إنه على رغم ذلك، ليس أمام الولايات المتحدة خيار سوى العمل مع نتانياهو.
وقد يطلب نتانياهو دعماً أمريكياً لتجنب توجيه المحكمة الجنائية الدولية اتهامات بجرائم حرب للمسؤولين الإسرائيليين الكبار. وأثار الرئيس الإسرائيلي اسحق هرتسوغ هذه المسألة مع بلينكن خلال استقباله الأربعاء.
ولا يمكن الولايات المتحدة أن تدعم عملية عسكرية إسرائيلية في رفح من دون خطة للتعامل من مليون نازح يتخذون المدينة مأوى لهم، بينما الاقتراحات الإسرائيلية الحالية حول هذه المسألة غير كافية.

 

 


ومع ذلك، تبدو الولايات المتحدة أيضاً مستعدة بشكل متزايد لإلقاء اللوم على حماس، إذا انهار اتفاق وقف النار ومضت إسرائيل قدماً في عملية عسكرية برفح. وقال بايدن الثلاثاء إن حماس "هي الآن العقبة الوحيدة أمام وقف فوري للنار وإغاثة المدنيين" في غزة.
لكن نتانياهو في مأزق، بسبب الضغوط التي يتعرض لها من مؤيدي الاتفاق في مجلس الحرب ومن رافضي هكذا اتفاق من وزرائه المنتمين إلى اليمين المتشدد.
وقال المحلل الإسرائيلي في مركز كيفون غلوبال للأبحاث في القدس ميتشل باراك إن "حكومته قد تسقط مع إبرام اتفاق لوقف النار وإطلاق الرهائن"، و"إذا لم يبرم الاتفاق فقد ينسحب بيني غانتس من مجلس الحرب، وتنزلق البلاد إلى الفوضى".
ووصل بلينكن إلى إسرائيل من الأردن والسعودية، حيث كان يحشد التأييد لخطة أوسع لما بعد الحرب، يمكن أن تساعد في دفع مفاوضات وقف النار، إلى الأمام.
وكجزء من هذه الخطة، تأمل الولايات المتحدة في إقامة علاقات دبلوماسية بين السعودية وإسرائيل، وتمهد الطريق أمام إنشاء قوة عربية لترسيخ الاستقرار في غزة، وتضع خريطة طريق تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية.
وخلصت الصحيفة إلى أن مثل هذا الهدف من غير المرجح تحقيقه بوجود نتانياهو في السلطة. إذا إن وزراء اليمين المتطرف وأعضاء في تكتله الليكود يعارضون فكرة الدولة الفلسطينية، كما أن رئيس الوزراء نفسه غيّر رأيه حيالها بمرور الوقت.