قال الدكتور جاكوب أوليدورت، مدير الأبحاث في مركز جيموندر للدفاع والاستراتيجية، التابع للمعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي، إن إسرائيل أظهرت، على النقيض من الولايات المتحدة، عزمها على استخدام القوة، للرد على كل هجوم ضدها من قبل إيران أو وكلائها.

قد يجبر مثل هذا النهج إيران على الامتناع عن مهاجمة القوات الأمريكية

ومع ذلك، يضيف الكاتب في مقاله بموقع "ناشونال إنترست": "لا يجدر بنا النظر إلى استعداد إسرائيل لاستخدام القوة فحسب، بل استعدادها للقيام بذلك بطريقة تجبر القوة الإيرانية وتقيدها".

استراتيجية القوة الجبرية

وأكد الكاتب أنه يتعين على الولايات المتحدة أن تتعلم من النهج الذي تتبعه إسرائيل، وخاصة الضربة التي شنتها في 19 أبريل (نيسان) داخل إيران، وأن تطبق – جنباً إلى جنب مع إسرائيل – استراتيجية القوة الجبرية التي تستهدف تقييد النظام الإيراني وإضعافه، وفي النهاية انهياره.
ولم تتوصل إدارة بايدن إلى تقدير هذا النهج إلا مؤخراً عندما قتلت قائداً بالوكالة الإيرانية رداً على هجوم الطائرات دون طيار الذي شنته إيران في 28 يناير (كانون الثاني)، والذي أسفر عن مقتل 3 من أفراد الخدمة الأمريكية.

 

 


ومنذ ذلك الحين، يبدو أن إيران أوقفت الهجمات ضد القوات الأمريكية. وحتى تلك اللحظة، كانت الولايات المتحدة ترد على التصعيد الإيراني بالوكالة بضرب مستودعات أسلحة رمزية وقتل العسكريين الإيرانيين غير العدائيين من الرتب الدنيا، ووصفت كل رد بأنه "دفاع عن النفس". ومن غير المستغرب، حسب الكاتب، أن تشجع هذه الاستجابات التصعيد الإيراني.
وأوضح الكاتب أن المطلوب هو قوة عسكرية تتسم بالاستمرارية والقدرة على التدخل تجعل النظام الإيراني يعيد النظر في أفعاله الفورية وطويلة الأجل.
وقد يجبر مثل هذا النهج إيران على الامتناع عن مهاجمة القوات الأمريكية وشركائها، مما يؤدي إلى مزيد من الاستقرار والسلام في المنطقة.

إحداث شلل في الدوائر الإيرانية

ولفت الكاتب النظر إلى أن إحداث شلل في التخطيط العسكري داخل دوائر القيادة الإيرانية هو جزء من حالة انهيار النظام النهائية، والتي ناقشها المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي (جينسا) منذ عام 2020.


واستناداً إلى كيفية تعامل الولايات المتحدة مع الاتحاد السوفييتي، وصف رئيس معهد جينسا ومديره التنفيذي الدكتور مايكل ماكوفسكي "انهيار النظام" بوصفه محركاً "لعملية التحلل السياسي الجارية بالفعل في إيران، وعدم القيام بأي شيء لإبطائها، وتنفيذ حملة لتفاقم التناقضات الداخلية للنظام والتوترات المحلية حتى ينهار في النهاية من الداخل".
واعتبر الكاتب الضربة الإسرائيلية في 19 أبريل (نيسان) التي عطلت نظام الرادار، في منشأة نطنز النووية في أصفهان، خطوة رئيسة في هذا النهج.
وقال إن على إيران التفكير في أن إسرائيل قادرة على اختراق دفاعاتها الجوية وإلحاق الضرر بالبنية الأساسية الحيوية داخل أراضيها – وهو أمر لا شك أنه سيُحبط الدوائر الداخلية بشأن ما يجب أن تفعله بعد ذلك.
يعكس تأثير القوة الجبرية هذا كيف استجابت إسرائيل للوكلاء المدعومين من إيران في جميع أنحاء المنطقة على مدى العقد الماضي، وبالتأكيد منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول).
ومن منظور هذه الحالة النهائية المتمثلة في تعزيز شلل التخطيط، يرى الكاتب أن هدف إسرائيل المتمثل في القضاء على حماس في غزة لا يقضي فقط على تهديد أمني أساسي، بل ينقذها أيضاً من وكيل يربض على عتبة إسرائيل، وبالتالي يعقد جهود إيران لمهاجمة إسرائيل مع تقليص بصمة إيران في المنطقة.

الانقسامات وانهيار النظام

وقال الكاتب: "كلما زادت احتمالات انهيار النظام، زاد انقسام المستشارين السياسيين والعسكريين وصناع القرار في إيران. ويعد استخدام القوة للتأثير على الحسابات الاستراتيجية الإيرانية إحدى الطرق لتعميق هذه الانقسامات، وبالتالي تغيير مسار صنع القرار في النظام الإيراني".
وأضاف "اليوم، لابد أن تكون هناك درجة متزايدة من الاحتكاك الداخلي داخل دوائر صنع القرار الإيراني. ومن المهم أن تكون إيران قد قررت، على الأقل في الوقت الحالي، عدم الرد على الضربة الإسرائيلية في 19 أبريل (نيسان). ومن المرجح أن تزداد عملية صنع القرار تعقيداً بسبب الانتخابات الرئاسية غير المتوقعة ومسألة الخلافة ذات الصلة بعد الوفاة المفاجئة للرئيس الإيراني ووزير خارجيته.
يقول الملاكم مايك تايسون إن "كل شخص لديه خطة حتى يتلقى لكمة في الفم". ولا تستطيع إيران تحديد موضع حلبة الملاكمة، بسبب نهج القوة الجبرية الإسرائيلي. ومن خلال إثارة الارتباك الداخلي، ساعدت إسرائيل النظام الإيراني على اتخاذ خطوات نحو تحلله السياسي، إن لم يكن انهياره، بحسب الكاتب.
وتابع "لا بد أن إيران تدرس خياراتها، بعد أن شعرت بالحرج في مواجهتها مع إسرائيل، وخسرت 3 من كبار الجنرالات في سوريا، وأكثر من 300 مقاتل من حزب الله والبنية الأساسية في لبنان. وسوف تخسر قريباً وكيلاً لها في غزة. جاء التصعيد الإقليمي الوحيد الناجح من جانب الحوثيين، الذين لم يكن لإيران سيطرة مباشرة عليهم".