من المقرر أن يجري المرشحان الرئيسيان في الانتخابات الرئاسية الأمريكية جو بايدن ودونالد ترامب مناظرة منقولة بشكل مباشر، في 27 يونيو (حزيران) 2024.

الميزة الوحيدة لمناظرة 27 يونيو هي أنها تمنح كلتا الحملتين الفرصة لاختبار مرشحيهما

لن يكون أي منهما المرشح الرسمي لحزبه قبل مؤتمرات الحزبين في الأسابيع المقبلة.

وتوقيت المناظرة الذي يسبق الأسبوع الرابع من يوليو (تموز)، أي في وقت أبكر بكثير من مناظرات الخريف المعتادة، يضمن مبدئياً جمهوراً أصغر بكثير من ذلك، الذي يشاهد عادة أي مناظرة رئاسية.
وفي هذا الإطار، تشير المستشارة السابقة في الاتصالات السياسية سوزان فيليبلي إلى أن شبكة سي إن إن سترعى وتدير المناظرة، لا لجنة المناظرات الرئاسية غير الحزبية، التي رعت كل مناظرة رئاسية منذ عام 1988.
وتنص قواعد المناظرة على عدم وجود جمهور، إذ سيكون المرشحان موجودين في استوديو تلفزيوني مع الإعلاميين، وفريق الإنتاج فقط. وخلال الفترتين الإعلانيتين، لن يُسمح للمرشحين بالتفاعل مع موظفي حملتهما. وستقوم سي إن إن بإطفاء مكبر الصوت الخاص بكل مرشح لم يحن دوره للتحدث.

 


في موقع "ذا كونفرسيشن" الأسترالي، تكتب فيليبلي التي تدرّس الآن التواصل السياسي في جامعة أوبورن الأمريكية أن هناك طرقاً رئيسية يمكن أن يؤثر بها هذا النوع الجديد من المناظرات على الانتخابات الرئاسية.


احتمالات الأخطاء القاضية


تاريخياً، تميل المناظرات إلى إحداث تأثيرات أكبر على نتائج الانتخابات، عندما يُقدم أحد المرشحين على قول أو فعل شيء غبي.
على سبيل المثال، وفي سنة 1976، أصر مرشح الحزب الجمهوري والرئيس آنذاك جيرالد فورد، بشكل خاطئ، على أن بولندا لم تكن تحت الحكم الشيوعي. سنة 1988، أجاب المرشح الديمقراطي مايكل دوكاكيس على سؤال حول سلامة زوجته بخطاب خالٍ من العواطف حول سياسة مكافحة المخدرات. وفي عام 1992، نظر الرئيس بوش الأب مراراً وتكراراً إلى ساعته أثناء مناظرة بيل كلينتون.


خسر الرجال الثلاثة سباقاتهم للبيت الأبيض.


يعاني كلا المرشحين في المناظرة المقبلة من نقاط ضعف قد تؤدي إلى مشاكل مماثلة، أو أسوأ.
إذا بدا بايدن ضائعاً أو مرتبكاً في أي مرحلة من مراحل المناظرة فقد يثير ذلك تساؤلات حول كفاءته ويضر بشكل خطير فرص إعادة انتخابه. وإذا أطلق ترامب واحداً من خطاباته المطولة والغاضبة حول أي عدد من المواضيع، فقد يخيف المعتدلين ويدفعهم إلى التصويت لبايدن أو إلى عدم التصويت على الإطلاق.

 


ولأن أياً من الحزبين السياسيين لم يعقد مؤتمرات الترشيح الخاصة به، ليس من المستبعد أن يؤدي أداء سيئ جداً لأي من المرشحين إلى نقاشات جادة حول استبدال ذلك المرشح.


تركيز على الكلمات.. تحديات وفرص


حسب أستاذة التواصل، تولّد قواعد المناظرة بعض التحديات والفرص لكل مرشح.
إن واقع إطفاء مكبرات الصوت للمرشح الذي لا يوجه إليه سؤال سيسهّل على بايدن الاستمرار في التركيز ومواصلة توجيه الرسالة من دون أن يقاطعه ترامب باستمرار، كما فعل خلال مناظرتهما عام 2020. ويجب أن يسهل على ترامب أيضاً الظهور كرجل دولة أكثر من كونه متنمراً، لأن مشاهدي التلفاز سيكونون أقل عرضة لسماع أي مقاطعات أو نوبات غضب.
يواجه مديرا المناظرة على سي إن إن التحدي المتمثل في إدارة أوقات التحدث ومكبرات الصوت، بطريقة لا يبدو أنها تفضل مرشحاً على آخر.
من الناحية المثالية، ومع عدم وجود جمهور مباشر للتفاعل مع المرشحين، يجب أن يتركز انتباه المشاهدين بسهولة أكبر على جوهر كلماتهما.
ما إذا كان ذلك سيحدث يعتمد على الإعلاميين. يجب على جيك تابر ودانا باش توخي الحذر حتى لا يبدوا وكأنهما يقاطعان أو يتحديان مرشحاً أكثر من الآخر. ويشتبه العديد من المحافظين فعلاً في أن شبكة سي إن إن ستبدي تأييدها لبايدن من خلال طرح عدد أقل من أسئلة المتابعة أو إجراء المزيد من التحقق الفوري من إجابات ترامب.


التلاعب الحزبي


مع وجود عدد أقل من المشاهدين في الوقت الحقيقي، سوف يكون هناك المزيد من الفرص للحزبين، كي يقتطعوا لقطات محورة، وينشروها، سواء في وسائل الإعلام التقليدية أو عبر الإنترنت.
توضح الكاتبة أن تقنية التلاعب ليست جديدة على المناظرات الرئاسية، لكن مع وجود عدد أقل من الأشخاص الذين شاهدوا الحدث كاملاً في سياقه، ستكون هناك فرصة أكبر لتحرير المقاطع بشكل انتقائي من قبل اليمين لجعل بايدن يبدو في حالة ذهول وارتباك أو من قبل اليسار لإظهار ترامب كمتعصب ومتنمر.
وحتى لو كان القصد من المناظرة أن تكون كلمات المرشحين هي الأكثر أهمية، إن ما يُكسب المناظرة من وجهة نظر الجمهور ليس مناقشة السياسة الحكيمة أو الدبلوماسية الدقيقة: بل اللقطات المعبرة.
تشمل الأمثلة المزاح الساخر لرونالد ريغان حول عدم إثارة قضية شباب والتر موندايل وقلة خبرته عام 1984، ورد لويد بنتسن "سيناتور، أنت لست جاك كينيدي" على تأكيد دان كويل سنة 1988 أن لديه المقدار نفسه من الخبرة في مجلس الشيوخ مثل جون كينيدي قبل أن يصبح رئيساً.
إن الميزة الوحيدة لمناظرة 27 يونيو(حزيران) هي أنها تمنح كلتا الحملتين الفرصة لاختبار مرشحيهما ورسائلهما، بينما يعيرها الاهتمامَ عدد قليل جداً من الناخبين. وقد يسمح هذا للحملات بتعديل رسائلها، أو حتى باختيار الحزب مرشحاً آخر، إذا ساءت الأمور بشكل مريع.