تقوم المجتمعات على سواعد الشباب وطاقاتهم وأفكارهم، فنجاح وتقدم الدولة يقاس بدرجة إيمانها بمواهب شبابها وقدرتها على تسخير إمكاناتها للاستثمار في عقول أبنائها، باعتبارهم الثروة الأهم والأغلى، هذا ليس كلاماً بغية "التنظير"، بل قراءة واقعية لفصل من قصة وطن.. غرس الشيخ زايد "طيب الله ثراه" بذوره في الصحراء قبل خمسة عقود، فكان الحصاد دولة الإمارات العصرية الشابة.

روافد عديدة تقوم عليها نهضة الإمارات العربية المتحدة، أعظمها "الثروة البشرية" التي تحظى بمكانة خاصة لدى قيادة الدولة ومؤسساتها، ولأن الشباب رأس مال الدولة.. فشواهد ذلك تتجلى في الاعتماد عليهم وتكليفهم بالمهام والأدوار داخل وخارج الدولة، فالحكومة الإماراتية تعمل بعقلية وطنية راقية تمنح شباب الوطن فرصته في القيادة والعطاء واكتساب الخبرات، تهتم في خياراتها بالمميزين الواعدين من أصحاب مهارات القيادة والإبداع، يظهر ذلك جلياً في وزرائها ومسؤوليها الشباب بجميع درجات وأماكن العمل الحكومي والخاص، تراهن بهم الدولة على تحقيق هدف مستدام هو الصدارة والتفرد عالمياً.
ولأن النتيجة المأمولة تحتاج بالضرورة إلى إعداد صحيح وجهد مدروس، فالقيادة الإماراتية تحرص باستمرار على تحديث البنية التحتية الشبابية.. عبر جهات متخصصة وبرامج وخطط تخدم فئة الشباب، وتمهد لهم الطريق نحو المنافسة والريادة، اتساقاً مع هذا القول.. أطلقت المؤسسة الاتحادية للشباب، قبل أيام، "الأجندة الوطنية للشباب 2031"، مستهدفة 5 توجهات رئيسية لتميكن هذه الفئة، عبر "6 ممكنات" تتمثل في بيئة تشريعية محفزة ومشجعة للشباب، وإشراكهم في صنع القرار، وحصولهم على أفضل الخدمات، ومنحهم فرص التعليم والتدريب المهني، وضمان توفر البيانات والوصول إليها، والتمكين المتساوي لفئات الشباب في الإمارات.
اعتمدت الأجندة الوطنية للشباب ضمن مفردات أهدافها السبعة، تأهيل فرص للشباب بنسبة 100% في سوق العمل، كما ينصب اهتمامها أيضاً في إعداد الشباب وتأهيلهم لتمثيل بلدهم دولياً في المحافل والمنظمات، تعزيزاً وتعميقاً لمفهوم الهوية والانتماء، لكن حقيقة هذه الغاية ليست بالجديدة أو المستحدثة.. ففي كل منصة أو فعالية دولية يجلس خلف لافتة "دولة الإمات العربية المتحدة" واحد من شبابها الواعد، ممثلاً ومتحدثاً باسمها.
"الشباب كنز لا ينضب".. فالإمارات الفتية بفضل أبنائها استطاعت أن تحافظ على الصدارة للعام الـ12 توالياً وجهة "مثالية" للشباب العربي، بحسب استطلاع رأي أجرته "أصداء بي سي دبليو" العام الماضي، قالت فيه النتائج إن الإمارات المكان المفضل للعيش، متقدمة على الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا، هذه النتيجة لم تأتِ من "لا شيء".. بل هي حصاد فكر مستدام للاستثمار في طاقات الشباب، باعتبارها "عمود المجتمع" ومستقبله المشرق.