أول قرار اتخذه كير ستارمر، رئيس وزراء بريطانيا الجديد، أنه ألغى «قانون رواندا» الذى كانت حكومة ريشي سوناك السابقة قد مررته هذه السنة.. وقد كان القانون المُلغى يقضي بإرسال المهاجرين غير الشرعيين لبريطانيا إلى رواندا!
كان قانوناً غريباً من نوعه، ولم يكن أحد يدري كيف سيجري تنفيذه، ولا كان أحد يعرف لماذا رواندا دون بقية الدول؟
وهذا الموقف يدل على أن حكومة ستارمر لا تتخذ موقفاً عنيفاً ضد المهاجرين إلى الأراضي البريطانية، حتى ولو كانوا مهاجرين غير شرعيين.. ولكن القرار لا يعني في الوقت ذاته أن أبواب بريطانيا سوف تكون مفتوحة بلا ضوابط أمام الذين يرغبون في الهجرة إليها.
وليس سراً أن ستارمر كان قد صوّت ضد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ولذلك، فإنه قال عند فوز حزب العمال الذي يتزعمه في الانتخابات التي جرت 4 من هذا الشهر، إنه سيعمل على تحسين اتفاق خروج بلاده من الاتحاد.
وليس سراً أيضاً أن أوروبا تشهد حالياً ومنذ فترة فوز أحزاب اليمين في الانتخابات، وكلها أحزاب تجمعها الرغبة في إغلاق بلادها أمام المهاجربن عموماً، واتخاذ سياسات متشددة تجاه المهاجرين.. لقد جرى هذا من قبل في المجر، وتكرر في إيطاليا، وفي هولندا، وفي فرنسا بتقدم حزب التجمع الوطني في الجولة الأولى من الانتخابات الأخيرة.. ولكن حزب العمال البريطاني ينتمي إلى أحزاب اليسار التي لا ترحب بالانغلاق ولا تسعى إليه، وتمارس سياسات منفتحة في الغالب، ويوصف ستارمر بأنه يساري ولكنه يميل لليمين.
ولأن حزب المحافظين الذي خسر الانتخابات قد بقي في الحكم 14 سنة متواصلة، فمن المتوقع أن تشهد بريطانيا تغيرات كثيرة في سياساتها الداخلية، وربما الخارجية أيضاً، وفي وجوه كثيرة للحياة فيها، لأن المحافظين أسسوا لأوضاع استقرت ودامت، ولأن «العمال» سوف يغيرون في هذه الأوضاع وسوف يضعون بصماتهم على حياة الإنجليز وفي سياسات البلد مع العالم.
ورغم أن بريطانيا توصف في العادة بأنها «أم الديمقراطية» إلا أن زعيمها الشهير ونستون تشرشل عاش يردد أن الديمقراطية ليست أفضل نُظم الحكم في المطلق، ولكنها أفضل نظام توصلت إليه الشعوب.
وكان أهم ما تابعناه في المعركة بين المحافظين والعمال على رئاسة الحكومة، أن سوناك أقر بالخسارة علناً واعترف بأنه مسؤول عن خسارة الحزب الذي ينتمي إليه.. وهذا في حد ذاته هو ما سوف يدفع المحافظين إلى نوع من المراجعة للسياسات تنتهي بعودتهم للحكم، فلا يكسب في هذه اللعبة التي تتكرر بين الحزبين إلا الشعب.