سئل الخليفة معاوية كيف تمكن من حكم بلاد الشام التي تشمل لبنان الحالي، فأجاب "لو أن بيني وبين الناس شعرة لما انقطعت، إذا شدوها أرخيتها، وإن أرخوها شددتها"، وفي الأيام المقبلة، سيختبر حزب الله وإسرائيل الشعرة، التي على مدى عشرة أشهر كانا يشدانها ويرخيانها، من دون التورط في حرب شاملة.     

"حزب الله" يدرك خطورة اللحظة

وكتب سامر الأطرش في صحيفة "تايمز" البريطانية، أن الهجوم الصاروخي على قرية مجدل شمس في مرتفعات الجولان الذي أدى إلى مقتل 12 مراهقاً وطفلاً كانوا يلعبون كرة القدم في أحد الملاعب، ربما يكون "لحظة اختبار الشعرة"، إذ دفعت الحسابات الجانبين حتى الآن إلى تفادي العودة إلى حربهما المدمرة عام 2006.  
ويرى الكاتب أن "حزب الله" الذي تبنى كل هجوم عبر الحدود على إسرائيل في الأشهر العشرة الأخيرة، يدرك خطورة اللحظة، ولذلك، سارع إلى نفي إطلاقه الصاروخ على مجدل شمس.

وعلى رغم النفي، فإن الميليشيا الشيعية التي تمسك بجنوب البلاد، هي الفاعل بالتأكيد، بحسب الصحيفة.

والنفي يجسد الحرج الذي وقعت فيه الميليشيا لذبحها 12 طفلاً ينتمون إلى الأقلية الدينية الدرزية التي لها نفوذ كبير في لبنان، وهي مجزرة وقعت في مكان تعتبره أراضي سورية محتلة.     
كما يشير ذلك إلى أن الميليشيا المتشددة المدعومة من إيران، والتي تريد إظهار تضامنها مع حماس في غزة، ولكنها تتجنب تدمير لبنان، قد شهدت لحظة من الخوف الشديد، من أنها قد قطعت شعرة معاوية للتو. 

ولا شك أن إسرائيل سترد بطريقة لم يسبق لها مثيل حتى الآن في حربها المنخفضة الحدة ضد حزب الله، والتي شملت غارات جوية أسفرت عن مقتل مئات عدة من مقاتلي الحزب، بما في ذلك قادة كبار، وتسببت في سقوط العشرات من الضحايا المدنيين أيضاً.

وتسبب حزب الله بإخلاء قرى في شمال إسرائيل بفعل هجماته الصاروخية ومسيّراته، كما قتل مدنيين وجنوداً.  

لكن ما حصل الآن مختلف. إذ تسبب الهجوم الصاروخي الذي وقع السبت في أكبر خسارة في أرواح المدنيين في يوم واحد على الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ أن أغارت حماس على البلدات والقرى الإسرائيلية في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، مما أدى إلى مقتل أكثر من 1100 إسرائيلي، الهجوم، الذي أدى إلى الحرب في غزة والنزاع مع حزب الله، وهز إحساس إسرائيل بالردع، الذي تحاول الأخيرة استعادته منذ 10 أشهر. 

وقال القادة الإسرائيليون إنهم سيضربون حزب الله بقوة، وبطرق لم يشهدها من قبل.

وربما يكون هذا صحيحاً، ولكن هناك أسباباً للحذر، فعلى رغم نفي حزب الله، إلا أنه يعلم أنه أخطأ، لقد كان يمارس لعبة حافة الهاوية التي ربما أتت بنتائج عكسية، وهو الآن ربما في أضعف موقف له منذ بداية الحرب.
وصرح وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب، بأن حزب الله مستعد للانسحاب من الحدود، إذا أوقفت إسرائيل هجومها، وأنه تلقى مؤشرات على أن الرد الإسرائيلي سيكون محدوداً، وكذلك رد الحزب.  
وإذا كان هذا الادعاء صحيحاً، فإن الحادث المأسوي الذي وقع في قرية مجدل شمس قد يوفر - بمجرد الانتقام الإسرائيلي - مخرجاً يسمح لكلا الجانبين بتجنب حرب لم يرِدها أي من الطرفين.
وبالنسبة لإسرائيل، فإن الدخول في حرب شاملة مع حزب مسلح يتمتع بقوة نيران تفوق كثيراً قوة حماس، سيشكل تحدياً، بعد ما يقرب من عشرة أشهر من القتال في غزة.  
ويتمتع حزب الله بنفوذ في لبنان، لكن لديه فصائل أخرى قوية يتعين عليه التعامل معها. ومن بين هؤلاء الدروز، وهم أقلية في سوريا ولبنان وإسرائيل، تعلن الولاء لكل دولة.

ويعمل هؤلاء الموجودون في إسرائيل في مجلس الوزراء ويشغلون مناصب قيادية في الجيش، على رغم أن الكثير من السكان الدروز في مرتفعات الجولان رفضوا الجنسية الإسرائيلية، بعدما احتلت إسرائيل المنطقة إبان حرب عام 1967 مع سوريا ومصر والأردن.
وفي لبنان، يقود الأقلية وليد جنبلاط، وهو سياسي ذكي نجح  ظاهرياً على الأقل، في تحقيق السلام مع حزب الله.

ومع ذلك، خلال حرب عام 2006، قال جنبلاط إنه يأمل في أن تنهي إسرائيل المهمة ضد الحزب وتنزع سلاحه - وهو أمر يتمنى الآن، لو أنه حدث.