الثلاثاء 17 أكتوبر 2017 / 11:33

داعش يخطط لتسويق هزيمته الكبرى كنصر حتمي

يسعى داعش لتحويل هزيمته الكبرى في العراق وسوريا عبر ادعائه تحقيقه نصراً، وترويجه لمفهوم الهجرة من مناطق استولى عليها، نحو أخرى نائية جديدة.

ثمة اعتقاد خاطئ عند بعض المحللين في الغرب مفاده أن هزيمة داعش في المعارك الأخيرة ستفقده مكانته في أعين سلفيين جهاديين. الواقع أن التنظيم سيعاود إنتاج تنظميه، ويحول خسارته إلى ما يعتبر امتحاناً من الله وانتكاسة مؤقتة

ورأى براق كادرجان، أستاذ مساعد للاستراتيجية والسياسة لدى الكلية البحرية الأمريكية، حيث يحاضر حول داعش وآثار تركة الإمبراطورية العثمانية على سياسات الشرق الأوسط، أن انهيار "الإمبراطورية الصغيرة" التي بناها داعش في العراق وسوريا، يذكي شعوراً بالانتصار في الغرب.

استنتاج خاطئ

ورأى كادرجان في موقع "وور أون ذا روكس"، أن الفكرة الرائجة اليوم في الغرب بشأن خسارة داعش لمناطقه، وبالتالي عجزه عن استقطاب أنصار ومقاتلين جدد، بما يعني هزيمة ماحقة للتنظيم، هو استنتاج خاطئ.
ويعزى خطأ ذلك الاعتقاد، بحسب الكاتب، إلى ترجيح تصوير داعش للهزيمة كنوع من الانتصار.

ويشير الكاتب إلى ميل بعض المحللين الغربيين لتفسير سياسة داعش الجديدة بوصفها آلية للدعاية يروج لها "خاسر"، وبأن "صورة داعش" في أذهان جهاديين سلفيين، سوف تتلاشى نهائياً. وذلك ما تتوقعه أيضاً جهات استخباراتية وأمنية، لكن التنظيم يخطط لتسويق الهزيمة عبر رواية تقوم على الدعوة لتحمل المشقات ولتقديم الشهداء و"انسحاب مؤقت" من مناطقه.

إنقاذ ماء الوجه
وما يشار إليه بعبارة "أرض المسلمين" والترويج لفكرة" الهجرة" يوحي بتبني داعش لقوة "نارية استراتيجية"، تساعده في إنقاذ ماء وجهه، فضلاً عن ترويجه لفكرة الاقتداء بالرسول عندما هاجر من مكة إلى المدينة، في عام 622.

ويشير كادرجان لما كتبه قبل أكثر من عامين عندما قال: "سوف يزعم التنظيم بأنه تحدى كل الصعوبات التي واجهته في بداية ظهوره في العراق، وصمد لمدة ثلاث سنوات، إلى أن جمع صفوفه واكتسح مناطق واسعة في كل من سوريا والعراق. ومن ثم سوف يضع داعش انسحابه وتراجعه في إطار خطة استراتيجية في مواجهة جحافل لا يستطيع الوقوف في وجهها".

مفهوم الإقليمية
ويلفت الكاتب إلى عدم تركيز المحللين وخبراء سياسيين على مفهوم" الإقليمية" لدى داعش، وما يعنيه بالنسبة للتنظيم وأثره على استراتيجيته على المدى القصير والبعيد معاً. وكانت أكثر التحليلات لفتاً للانتباه، ما قاله المحللان ويليام كاكانتس وغاريم وود عندما أشارا لتركيز بروباغندا التنظيم على دابق، بلدة تقع في شمال سوريا، ورمزيتها (نسبة لمعركة مرج دابق، 1516، التي انتصر فيها السلطان سليم الأول العثماني على السلطان المملوكي قانصوه الغوري حاكم المماليك في مصر). فقد سلطت دعاية داعش على دابق بوصفها ترمز إلى ملحمة بطولية. وعندما هزم مقاتلو التنظيم في دابق، قبل عامين، أمام قوة مكونة من قوات تركية خاصة ومقاتلين من الجيش السوري الحر، سارع التنظيم لتغيير اسم جريدته الناطقة بالإنغليزية من "دابق إلى رومية"، بزعم أن المعركة القادمة ستكون مع الغرب أحفاد الروم.

انتكاسة
وبرأي كادرجان، عند التدقيق في ممارسات داعش على الأرض، ومن خلال منظور استراتيجي براغماتي، يتبين خطأ اعتقاد بعض المحللين في الغرب أن هزيمة داعش في المعارك الأخيرة ستفقده مكانته في أعين سلفيين جهاديين، بل سيعاود إنتاج تنظميه، ويحول خسارته إلى ما يعتبر امتحاناً من الله وانتكاسة مؤقتة، وسيواصل إلهام أنصاره القدامى والجدد.