أطفال مصابون بمرض الكوليرا في اليمن (أرشيف)
أطفال مصابون بمرض الكوليرا في اليمن (أرشيف)
الإثنين 15 مايو 2017 / 11:23

شبح الكوليرا في اليمن يهدد أكثر من 7 ملايين شخص

فيما حذرت عدة منظمات حقوقية ودولية من خطر انتشار كبير وجديّ لوباء الكوليرا المُعدي في اليمن، والذي راح ضحيته 115 شخصاً وأصاب أكثر من 8500 آخرين في 14 محافظة منذ أبريل (نيسان) الماضي، يستمر الانقلابيون في تعنتهم ورفضهم استقبال المرضى في مستشفيات صنعاء بعد أن أعلنتها الميليشيات مدينة منكوبة.

وبدأ تفشي مرض الكوليرا (الإسهال الحاد) منذ أن سيطرت الميليشيات الحوثية والانقلابية على العاصمة صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، حيث أعلنت الأمم المتحدة انتشار هذا الوباء القاتل مطلع العام الماضي بعد إصابات أودت بحياة العشرات خلال تلك الفترة.

أوضاع مأساوية
وتشهد صنعاء والمحافظات الأخرى التي تسيطر عليها الميليشيات حالة من تردي الوضع المعيشي والصحي، حيث يعيش المدنيين وضعاً مأساوياً وسط انعدام مياه الشرب الصحية وانتشار المخلفات في الطرقات العامة، علاوة على زيادة نسبة الفقر لأكثر من 85% بحسب البنك الدولي.

وكانت لجنة الصليب الأحمر أعلنت أن "عدد الحالات التي توفيت جراء الإصابة بمرض الكوليرا بلغت 115 حالة، فيما أصيب بالمرض أكثر من 8500 شخص في 14 محافظة يمنية منذ أبريل (نيسان) الماضي". وقال مسؤول عمليات المنظمة دومينيك استيلهارت، إن "الوضع بات خطيراً جداً، حيث يرقد على السرير الواحد أربعة مصابين".

وفي مارس (آذار) أعلنت منظمة أطباء بلا حدود، انتشار الوباء المعدي بمحافظات عمران وحجة والضالع وتعز وإب، وقالت إن طاقمها يستقبل أعداداً متزايدة في هذه المحافظات، وأن هناك مرضى يأتون من مناطق عديدة تبعد عشرات الكيلومترات. وأعربت عن قلقها الكبير من أن يستمر المرض بالانتشار ويخرج عن السيطرة.

إحصائيات
وذكرت منظمة الصحة العالمية في بيان أن ما يقارب 7.6 مليون شخص يعيشون في مناطق متأثرة بمرض الكوليرا (الإسهال المائي الحاد)، وأكثر من 3 ملايين نازح معرضون تعرضاً خاصاً لخطر الإصابة بالكوليرا. وتفاقمت الظروف الصحية لهؤلاء السكان نتيجة لنقص الغذاء وازدياد حالات سوء التغذية وانعدام فرص الحصول على خدمات صحية ملائمة بسبب الحرب القائمة.

وحذرت أنه "في حال لم يُستجب للوباء سريعاً، فمن المحتمل أن ترتفع حالات الكوليرا، مع ظهور أكثر من 76,000 حالة إضافية في 15 محافظة، بما فيها أكثر من 15,200 حالة بحاجة إلى تلقي العلاج في مراكز علاج الكوليرا".

وكان نائب وزير الصحة في الحكومة الشرعية، الدكتور عبدالله دحان، قد صرح لوسائل إعلامية أخيراً، أن أمانة العاصمة تحتل المرتبة الأولى في عدد الحالات المشتبه بإصابتها بالكوليرا، حيث وصلت إلى أكثر من 105 حالات، منها 22 حالة مؤكدة، توفيت منها حالتين، فيما احتلت صنعاء المرتبة الثانية في القائمة بـ 65 حالات مشتبه بها و6 حالات مؤكدة و4 حالات وفيات، فيما تم الإبلاغ في محافظة حجة على 46 حالة مشتبهاً بها وحالة وفاة واحده.

وقال دحان إنه تم الإبلاغ عن 80 حالة مشتبهاً بها في عمران منها 3 حالات مؤكدة و3 وفيات، وفي إب 19 حالة مشتبهاً بها و8 حالات مؤكدة، والمحويت تم الإبلاغ عن 24 حالة اشتباه منه 9 حالات مؤكدة، وذمار 18 حالة مشتبها بها 12 بينها حالة مؤكدة، وفي الحديدة 13 حالة اشتباه.

تعنّت الانقلابيين
وفيما تتزايد أعداد المصابين بينهم أطفال ونساء، قامت وزارة الصحة الخاضعة لسيطرة الانقلابيين في صنعاء، بمنع المستشفى الجمهوري من استقبال أي حالات إصابة بوباء الكوليرا، وبررت الوزارة ذلك الأمر بإعطاء الأولوية في قسم الطوارئ بالمستشفى لاستقبال حالات المصابين من مقاتليها في جبهات القتال.

ولم يسلم أسرى الميليشيات من الوباء، حيث انتشر المرض بشكل كبير في المعتقلات والسجون التي يحتجز فيها الانقلابيون المدنيين والمعارضين، وكانت قد ذكرت رابطة أمهات المختطفين في بيان صدر عنها تفشي وباء الكوليرا في سجون هبرة والسجن المركزي وسجن الأمن السياسي، وأكدت أن الأوضاع الإنسانية والصحية للمختطفين في المعتقلات تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، وسط مناشدات دولية بالتدخل السريع لإنقاذ حياة المختطفين المصابين، ونقلهم إلى المستشفيات، وتقديم الخدمات الصحية ومواد التعقيم والماء الصالح للشرب.

دور الشرعية
من جانبها، أعلنت الحكومة الشرعية خلو المحافظات التي تم تحريرها من أي إصابات بهذا الوباء، حيث أكد وزير الداخلية اليمني اللواء حسين عرب، أن ما ظهر قبل عدة أشهر ماهي إلا حالات مشتبهة وإسهال مائي حاد.

وعلى النقيض، تعمل قوات الشرعية على الحد من انتشار الكوليرا بالمناطق المحررة، حيث دعت المنظمات المحلية والدولية إلى تقديم مزيد من الدعم للقطاع الصحي في البلاد لمواجهة وباء الكوليرا المنتشر في عدد من المحافظات وخصوصاً في المناطق الخاضعة لسيطرة الانقلابيين.

وخلال لقاء جمع بين وكيلة وزارة الصحة العامة والسكان في اليمن إشراق السباعي وممثلين عن منظمات الصحة العالمية واليونيسيف ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية وشؤون اللاجئين بوزارة الصحة اليمنية، شددت السباعي على ضرورة إيجاد الحلول المناسبة وتقديم الدعم والمساعدة للقضاء على وباء الكوليرا.

وتبحث الشرعية آليات التدخل والتعاون مع المنظمات الإغاثية والدولية في إيقاف انتشار وباء الكوليرا ودعم مركز المهاجرين مديرية البريقة بعدن بالإمداد الإسعافي السريع. وطالبت الميليشيا الانقلابية بالسماح للمنظمات بدخول صنعاء والمحافظات التي تقع تحت سيطرتهم والقيام بواجبها للحد من انتشار وباء الكوليرا.

يذكر أن مرض الكوليرا مِن الأمراض المُعدية، ونتَقل عن طريق بكتريا تُسمى "الفيبريو كوليرا" من خلال الأشربة والأطعمة الملوّثة ببُراز الأشخاص المُصابين بهذا المرض. وتؤدّي الكوليرا إلى إصابةِ المريض بإسهالٍ حادٍ جداً، مما يؤدي إلى جفاف حاد يمكن أن يقضي على حياة المريض ما لم يتم علاجه سريعاً.