نساء الإخوان (أرشيفية)
نساء الإخوان (أرشيفية)
الخميس 29 نوفمبر 2018 / 01:34

خاص24| كيف سقطت "المرأة الحديدية" داخل الإخوان في قبضة الأمن المصري؟

24 - القاهرة - عمرو النقيب

كشفت مصادر مطلعة على الوضع داخل جماعة الإخوان، أن عملية القبض على عدد من عناصر وكوادر "قسم الأخوات" داخل جماعة الإخوان الإرهابية خلال الفترة الماضية، من اللائي خططن لتنفيذ سيناريوهات من شأنها زعزة استقرار الدولة المصرية، كانت كلمة السر فيها مساعدة المحامية الإخوانية هدى عبد المنعم.

وأشارت المصادر لـ24، إلى أن المساعدة الخاصة بالمحامية هدى عبد المنعم، أبلغت الأجهزة الأمنية بتحركات خلية "قسم الأخوات"، وأرشدتهم إلى مختلف الوثائق التي تدين هذه المجموعة، التي تقودها هدى عبد المنعم بالتنسيق مع عائشة ابنة خيرت الشاطر.

وأضافت المصادر، أن هذه المجموعة تلقت تعلميات بتنفيذ عدد من المخططات داخل الدولة المصرية، عن طريق اختراق بعض المؤسسات، وتشكيل كيانات سياسية واقتصادية وحقوقية موالية للجماعة، لكن بشكل غير مباشر ودعمها مالياً.

وأوضحت المصادر، أن المحامية هدى عبد المنعم، تعرف حالياً بالمرأة الحديدة داخل التنظيم، وهي المسؤول الفعلي عن "قسم الأخوات"، وتعتبر بمثابة المرشد السري للجماعة، وتدير جميع شؤون التنظيم داخل القاهرة، وهي مفوضة بشكل أساسي من قيادات الجماعة بالتنسيق بين مختلف القطاعات، وأن عناصر الإخوان يطلقون عليها زينب الغزالي الجديدة.

وأكدت المصادر، أن الأجهزة الأمنية خلال عملية اقتحام المقرات التابعة لهذه العناصر، فتشت منزل هدى عبد المنعم، ومنزل والدتها، وعثرن على وثائق تفيد التخطيط لإنشاء كيانات تابعة للجماعة في محاولة لإعادة هيكلة التنظيم مرة أخرى، وحسابات مالية يتم إرسال أموال خاصة بالتنظيم الجديد إليها.

وأفادت المصادر، أن المجموعة التي تم القبض عليها هي: هدى عبد المنعم، وعائشة خيرت الشاطر وزوجها محمد أبو هريرة، وسمية ناصف، وإيمان القاضي، وسحر حتحوت، وراوية الشافعي، وعلياء إسماعيل، وومروة أحمد مدبولي، وهذه العناصر هي المسوؤلة بشكل فعلي عن إدارة الجماعة، على المستوى التنظيمي والمستوى الإعلامي، ونقل التكليفات لمختلف القيادات والعناصر ، وانها حلقة الوصل بين إخوان مصر، وإخوان الخارج.

وانضمت هدى عبد المنعم، للإخوان في منتصف السبعينات من القرن الماضي، وكانت على صلة مباشر بزينب الغزالي، وتزوجت من المحامي خالد بدوي، ولعبت دوراً محورياً داخل الجماعة خلال العشر سنوات الأخيرة، وكانت على قائمة المرشحات للبرلمان في انتخابات 2005، و2010، لكن زوجها  كان يرفض دائماً الدفع بها في حقل العمل البرلماني لحسابات خاصة، في الوقت الذي تولت فيه مسؤولية العمل التنظيمي لقسم الأخوات، كما فوضت من قبل مكتب الإرشاد بإدارة الحملة الإنتخابية الدكتورة مكارم الديري، زوجة إبراهيم شرف الأمين العام الأسبق لجماعة الإخوان، وعضو مكتب الإرشاد، في انتخابات 2005 عن دائرة مدينة نصر بشرق القاهرة.

ويعد "قسم الأخوات" اللاعب الرئيسي الحالي في إعادة هيكلة التنظيم داخلياً، في ظل الانهيار والانشقاق الذي يضرب الجماعة منذ 30 يوينو (حزيران) 2013.

فقد لعب "قسم الأخوات"، دوراً حيوياً في إعادة بناء التنظيم مرة أخرى، مثلما حدث في مرحلة الستينات من القرن الماضي، التي يطلق عليها "المحنة الثانية"، وعُرفت بتشكيل تنظيم "سيد قطب"، بمشاركة زينب الغزالي.

بعض "أخوات" الجماعة تقمصن دور زينب الغزالي، وحاولن إعادة هيكلة التنظيم مرة أخرى، هرباً من الانهيار الذي لحق مختلف اللجان والأقسام الداخلية للتنظيم.

وعلى عكس اللجان التنظيمية الأخرى، تمكن "قسم الإخوات"، من إعادة الهيكلة، وعقد الاجتماعات الدروية، ولقاءات "الأسر التربوية" الخاصة بهن، لسهولة التقائهن في المنازل والشقق السكنية الخاصة، بحكم ارتباط أغلبهن بعلاقة مصاهرة ونسب، تجعل ارتباطهن وتشابكهن قوياً وفاعلاً في خدمة التنظيم الأم.

وكان "قسم الأخوات" اللاعب الرئيسي في التقارير المفتعلة، التي تصدرها منظمة "هيومان رايتس ووتش" الأمريكية، لتشويه صورة مصر، عن طريق سلمى أشرف عبد الغفار التي تعمل بالمنظمة، مديراً لملف مصر.

وتتعاون عناصر القسم بشكل مباشر مع منظمة "هيومان رايتس ووتش" الأمريكية، بإمدادها بتقارير عن أوضاع السجون، ومسجوني الإخوان فيها، وينقلن الرسائل المسربة من السجون، للمساس بمصداقية الدولة المصرية وصورتها.

وأنتج قسم "الأخوات" فيلماً وثائقياً بشهادات أهالي مساجين الإخوان في سجن "برج العرب"، لاستخدامه في تدويل قضايا الإخوان أمام منظمات حقوق الإنسان الدولية والمحاكم الدولية.

وحمل الفيلم عنوان "المغربون من سجن برج العرب"، وسجل شهادات "قسم الأخوات" داخل الجماعة ممن لهن أقارب في السجن، وأنتجته شركة أليكس ريفوليوشن الإخوانية المتخصصة في صناعة أفلام وثائقية واستقصائية هدفها تشويه صورة الدولة المصرية.

ومنذ سقوط الإخوان أنشأ "قسم الإخوات"، عدداً كبيراً من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، بمسميات مختلفة عن "أحوال معتقلي الإخوان" داخل السجون، وصفحات بلغات أجنبية متخصصة في الاختفاء القسري الوهمي، لتعبئة الرأي العام الدولي الخارجي.

وتكشف هذه العمليات الدور الخفي والنشط لقسم "الأخوات" داخل الجماعة الإرهابية، بداية من توصيل الرسائل و الأموال، وتجهيز الاجتماعات واللقاءات السرية، والتواصل مع العناصر الخارجية بسبب قلة الشك فيهن.

مر قسم "الأخوات" بالكثير من المراحل والتطورات داخل جماعة الإخوان، لكن مختلف التقارير الأمنية تشير إلى أن الجيل الحالي من "الأخوات" مختلف تماماً عن الأجيال السابقة، لأنه نتاج تربية زوجات رجال الشاطر والتنظيم القطبي ولا يؤمن سوى جاهلية المجتمع، يوبما قاله سيد قطب: "نحن اليوم في جاهلية كالجاهلية التي عاصرها الإسلام أوأظلم، كل ما حولنا جاهلية، تصورات الناس وعقائدهم، عاداتهم وتقاليدهم، موارد ثقافتهم، فنونهم وآدابهم، شرائعهم وقوانينهم، حتى الكثير مما نحسبه ثقافة إسلامية، ومراجع إسلامية، وفلسفة إسلامية، وتفكيراً إسلامياً، هو كذلك من صنع هذه الجاهلية"، وهو جيل ينتمي أيضاً إلى زينب الغزالي، ويضع تجربتها وتكفيرها لعبد الناصر، وحكومته أمام عينه، باعتبارها الرائدة الحقيقية لقسم الأخوات.

ووفقاً لمصادرنا، وفي ظل انهيار التنظيم من الداخل وتعطيل عمل الكثير من اللجان الداخلية نتيجة القبض على العناصر الفاعلة داخله، عقد قسم "الأخوات" عدة لقاءات شاركت فيها قيادات "الأخوات" في الجامعات لوضع استراتيجية لإدارة الأزمة الراهنة، ركزن فيها على إبراز دور "الأخوات" وزيادة نشاطهن ودورهن للحفاظ على التنظيم، واتخذت الكثير من القرارت بعيداً عن قيادات الجماعة، ما يعنى أن "الأخوات" يتصرفن بشكل يوحى باستقلالية التنظيم النسائي عن إدارة الجماعة حالياً.

وأُدمج قطاع "الأخوات" في المناطق، مع قطاع "الأخوات" في الجامعات لسهولة التنسيق بينهما وترتيب الأهداف والتحركات بشكل جديد، ما لفت انتباه الكثير من المتابعين والمحللين لتنظيم الأخوات القطبي الجديد، أو "الزينبيات" نسبةً إلى زينب الغزالي، والدورالكبير والخطير الذي لعبته الغزالي، بعد أزمة الإخوان في الستينات من القرن الماضي، والصدام مع نظام الرئيس جمال عبد الناصر.

واستمر الوضع داخل التنظيم وقسم الأخوات متأرجحاً في أدائه حتى التطور الذي شهده، بعد تنامي نفوذ خيرت الشاطر، وإشرافه على الأخوات، بوضع الهيكلة التنظيمية بشكل يخدم طموحات المرحلة الجديدة التي طرحتها قيادات التيار القطبي.

وبعد انهيار الإخوان في يونيو(حزيران) 2013، كشف التنظيم النسائي حقيقة توجهه، بعد دعوة "الأخوات" لحمل السلاح والمشاركة في المواجهات المسلحة ضد قوات الجيش الشرطة، وظهرت الحركة النسائية الإخوانية بعد فض اعتصام رابعة المعروفة باسم "الأنصاريات"، وأعلنت الجهاد وحمل السلاح ثأراً للإخوان.

وأشار التنظيم في بيانه، بعد تشكيل الأنصاريات، إلى الاقتداء "بخولة بنت الأزور التي ظلت تقاتل حتى ظن الروم أنها رجل من شدة قتالها، ويا جند الله اشهدي أننا ماضون في سبيل الله حتى تضيء أقدامنا الجنة وحتى تحرر بلادنا ونطهرها من كل الكلاب الضالة".

ولم يُغفل هذا التنظيم النسائي الفرعي، التعرض "لجاهلية المجتمع وتكفيره"، والإصرار على حمل السلاح، حتى عودة الإخوان للحكم.