الخميس 5 ديسمبر 2019 / 12:03

إيران العدو الأكبر لانتفاضتي لبنان والعراق

بعدما خبر المنطقة لمدة طويلة، وأصبح شاهداً على عدد من التحولات التي شهدتها، لاحظ ثوماس فريدمان، كاتب عمود سياسي لدى صحيفة "نيويورك تايمز"، وجود تناقض لافت بين سياسات شرق أوسطية، دامت طويلاً في لبنان وسوريا والعراق وليبيا واليمن، وبين تطلعات شعوب تلك الدول.

إيران استخدمت ميليشيا حزب الله في لبنان وسوريا، وميلشيا قوات الحشد الشعبي في العراق في محاولة لوأد حركات ديمقراطية علمانية

وبرأي فريدمان، يتلاعب، منذ وقت طويل، قادة أحزاب سنية وشيعية وميليشيات بهويات طائفية وقبلية لأفراد من الطبقات الدنيا بهدف ترسيخ أنفسهم في السلطة، وجعلهم وسطاء لمن يحصلون على وظائف وعقود.

تحول مدهش
ولكن، حسب كاتب المقال، سجل تحول مدهش في مجمل السياسات في بعض تلك الدول. فقد مضى زمن السنة في مقابل الشيعة، وحلت مكانه مرحلة السنة والشيعة متحدين معاً ضد جميع قادتهم في أعلى هرم السلطة.

وينقل الكاتب عن الصحفية كريستين ماكفري ما سجلته، في 22 نوفمبر( تشرين الثاني) عن مشاهداتها لما يجرى في ساحة التحرير في بغداد، ملتقى احتجاجات يطالب أصحابها بدولة مدنية لا طائفية في العراق، عندما كتبت: "يسيطر اليوم المحتجون على بلدهم الذي انتزعته منهم حكومة فاسدة. ومن خلال عملهم هذا يعيدون تأكيد هويتهم العراقية في أجلى صورها الإيجابية. وقد وصل بهم الأمر لدرجة إقامة نقاط تفتيش ترحب فقط بعراقيين عاديين، وتستثني القوات المسلحة. وتتداخل الطوائف وتقف قطاعات مختلفة من المجتمع جنباً بجنب في استعراض كامل للوطنية. وترفرف الأعلام العراقية في كل مكان. وللمرأة حضور لافت في تلك الاحتجاجات. وهناك رفض واضح للطائفية، مع تأكيد الهوية العراقية". ويعمل الجميع على مساعدة بعضهم البعض بكل الوسائل المتاحة – أموال ومرافقين ورعاية طبية. وهناك أيضاً خدمة لغسيل الملابس".

طاقات عراقية
وتضيف ماكفري أن الطاقات العراقية بدأت تظهر من خلال الطبقات الشعبية. وتقول: "من خارج نطاق الحكومة، برزت شركات ناشئة ونسخة عراقية لموقع أمازون، وخدمة توصيل بقالة للمنازل، وخلق مساحات للعمل المشترك ومقاه ثقافية".

وليس هناك نقص في المواهب أو التصميم على خلق فرص في مجالات عجزت عنها الحكومة. وحققت جماعات المجتمع المدني المستقلة ومنظمات الشباب والمرأة تقدماً كبيراً".

وفي بيروت، تصف محامية لبنانية شابة ما يجري، قائلة: "نزل المنتفضون إلى الشوارع بأعداد هائلة عبر جميع المناطق والطوائف معارضين لجميع الأحزاب السياسية دون استثناء. وردد هؤلاء: "هذا لبنان ونحن أصحاب اللحظة".

ويتصرف هؤلاء المنتفضون بعفوية، وهم يعارضون التركيبة السياسية الطائفية في لبنان، ما يمنحهم مصداقية في نظر اللبنانيين. ولا يرفع سوى العلم اللبناني في المظاهرات، ولا تظهر مطلقاً أية أعلام حزبية أو رموز طائفية. ويبرز في الاحتجاجات شعار "الشعب يريد دولة مدنية".

حركات أصيلة
ويرى فريدمان أن تلك حركات أصيلة وملهمة، لكن فرص تسلمها السلطة تبقى بعيدة، ويرجع ذلك لأن خصمهم الأكبر – الجمهورية الإسلامية في إيران- مستعدة لاعتقال وقتل أكبر عدد من المنتفضين الديمقراطيين لضمان الاحتفاظ بقبضتها على العراق وسوريا ولبنان، ناهيك داخل إيران. وبرز النظام الديني الإيراني كأكبر عدو للديمقراطية التعددية في المنطقة.

ويرى كاب المقال أن إيران استخدمت ميليشيا حزب الله في لبنان وسوريا، وميلشيا قوات الحشد الشعبي في العراق في محاولة لوأد حركات ديمقراطية علمانية- فيما تقوم بسحق أكبر انتفاضة ديموقراطية علمانية تشهدها إيران نفسها منذ 40 عاماً.

ووصل الأمر بملالي إيران لقطع خدمة الإنترنت من أجل منع انتشار حركة التمرد هناك. ومنذ الغزو الأمريكي للعراق في 2003، لم تشأ إيران بروز ديموقراطية مستقرة متعددة الطوائف وعلمانية في بغداد، لأنه في تلك الحالة سوف يتساءل شيعة إيران لماذا يعيش شيعة العراق بحرية وهم لا ينعمون بها؟.