الثلاثاء 18 مايو 2021 / 13:49

ناشيونال إنترست: كيف كشفت المفاوضات مع إيران النفاق النووي الأمريكي؟

يعتقد الأكاديمي البارز في مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات أنتوني روجييرو أن المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي مسرور بوجود رئيس أمريكي آخر يائس للحصول على اتفاق نووي.

وأضاف العتيبة أن "المشكلة كانت أن شركاء الولايات المتحدة أصبحوا... ملتزمين ومطمئنين للمعيار الذهبي الآمن والمضمون للطاقة النووية، وخصوم الولايات المتحدة، حصلوا على اتفاق أفضل"

تملك الولايات المتحدة كل النفوذ لكن الرئيس الحالي جو بايدن يستعجل العودة إلى اتفاق 2015 المعيب مع إيران، علماً أن الأخيرة مارست الخداع منذ البداية.

وفي مجلة "ناشونال إنترست"، دعا روجييرو الإدارة الحالية إلى استخدام كل نفوذها لضمان نهاية دائمة لمسعى إيران نحو الأسلحة النووية بتفكيك برنامجها النووي.

أوضح مستشار الأمن القومي جايك سوليفان في وقت سابق من الشهر الجاري أن هدف المفاوضات النووية في فيينا، هو تحديد "القيود النووية التي ستقبلها إيران على برنامجها لمنع حصولها، إلى الأبد على سلاح نووي".

لكن المشكلة الجوهرية في الاتفاق، أنه لن يمنع إيران على الإطلاق من الوصول إلى السلاح النووي. فهو عوضاً عن حظر تخصيب اليورانيوم والبلوتونيوم، يعتمد على متاهة من القيود غير القابلة للتنفيذ والآيلة إلى انتهاء الصلاحية.

ادعاءات أوباما 
على ضوء العديد من التنازلات التي حصلت عليها طهران بموجب الاتفاق النووي، تبدو سياسة صفر تخصيب، مطلباً غير عادي.

لكن منذ مدة غير طويلة، كانت تلك السياسة مقبولة، في 2006، أقر مجلس الأمن الدولي القرار 1696، الذي يطلب من إيران "تعليق جميع النشاطات المرتبطة بالتخصيب وإعادة المعالجة، بما فيها الأبحاث والتطوير". ورغم التخلي عن هذا الموقف، باع الرئيس الأسبق باراك أوباما اتفاق 2015 على أنه يضمن "قطع جميع الممرات نحو القنبلة". لكن روجييرو يرد بأن التخصيب نفسه ممر إلى القنبلة.

وروج أوباما للقيود المفروضة على البرنامج النووي، غير أن القيود على إنتاج اليورانيوم المخصب تنتهي كلياً في 2031.

وقال أوباما حينها إن الاتفاق يتمتع "بأكثر أنظمة التفتيش والتحقق شمولية على الإطلاق". وأضاف "إذا غشت إيران، فسنمسك بها، وسنفعل".

لكن العالم يدرك أن هذا الأمر غير صحيح. فالوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تعلم بنشاطات إيران غير المعلنة، قبل فحص الأرشيف النووي الإيراني الذي هربه الإسرائيليون من إيران في 2018.

بدأت إيران في الشهر الماضي تخصيب اليورانيوم إلى نسبة 60% من النقاء، وهي خطوة مهمو نحو نسبة التخصيب العسكرية البالغة 90%.

ويؤكد الباحث أنه لا وجود لنشاط مدني مشروع من وراء الوصول إلى هذه النسبة التي تخرق أصلاً ما نص عليه اتفاق 2015، من نسبة تخصيب لا تتجاوز 3.67%.

وحسب التقارير، لم تتوصل مفاوضات فيينا إلى اتفاق على كيفية تراجع إيران عن مكاسبها النووية، وإذا كانت طهران ستعمد إلى تدمير أو تخزين أجهزة الطرد المركزي الحديثة، أو ستسمح بنقلها إلى خارج البلاد.

وتطرق روجييرو إلى مشكلة جدية أخرى، إذ صاغت واشنطن سياسة تطلب فيها من حلفائها التخلي عن أي تطوير لإمكانات التخصيب وإعادة المعالجة قبل حصولهم على أي دعم لبرامجهم حول الطاقة النووية السلمية.

وتعرف هذه السياسة بالمعيار الذهبي. وبدأ حلفاء أمريكا الخليجيون ملاحظة النفاق الأمريكي حيث تدعوهم واشنطن لتبني هذا المعيار في وقت تواصل طهران برنامجها للتخصيب.

وقال السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة إن بلاده وافقت على المعيار الذهبي آملة أن يكون الأمر نموذجاً يحتذى به، حين تفاوض الولايات المتحدة طهران.

وأضاف العتيبة أن "المشكلة كانت أن شركاء الولايات المتحدة أصبحوا... ملتزمين ومطمئنين للمعيار الذهبي الآمن والمضمون للطاقة النووية، وخصوم الولايات المتحدة، حصلوا على اتفاق أفضل".

وقال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في 2018 إن الرياض ستطور أسلحة نووية "بأسرع ما يمكن" إذا طورت إيران تلك الأسلحة.

حاجة لدعم الحزبين
حسب روجييرو، لم يتأخر الوقت ليعكس بايدن مساره، وطالب المفاوضون الإيرانيون بالحد الأقصى من المطالب، إذ يريدون رفع جميع العقوبات تقريباً.

يجب أن تنسحب الإدارة وتستخدم نفوذها للدفع نحو اتفاق أطول وأقوى، وهو ما وعد به وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن.

وأفضل طريق لإطالة الاتفاق وتشديده حسب الكاتب هو تفويض إلغاء برنامج إيران للتخصيب. إن اتفاقاً مماثلا يمكن أن يؤمن دعم الحزبين لتحويله إلى معاهدة في مجلس الشيوخ. بهذه الطريقة، سيبقى سليماً خلال الإدارة الجمهورية المقبلة.

نهاية الابتزاز النووي الإيراني
ستمتنع طهران عن القبول، وستحاول إقناع الأوروبيين بإلقاء اللوم على الولايات المتحدة لانسحابها من المحادثات.

قد ترد طهران أيضاً بهجمات عسكرية ضد القوات الأمريكية أو الحلفاء في المنطقة، لكن للولايات المتحدة اليد العليا، وهي قادرة على إعادة تفعيل الردع.

والرد الآخر قد يكمن في تصعيد طهران برنامج التخصيب. لكن للابتزاز النووي الإيراني تاريخ صلاحية. أظهرت الانفجارات في منشأة نطنز هشاشة الأصول التي يفترض أنها آمنة لدى نظام الملالي.

من جهة ثانية، ستنضم المملكة المتحدة، وربما فرنسا، وألمانيا، إلى حملة ضغط على إيران إذا بالغت في تصعيدها.

ستوجه حملة عقوبات موحدة بين واشنطن، ولندن رسالة قوية إلى إيران مفادها أنها غير قادرة على الفصل بين الولايات المتحدة، وحلفائها.

ووفقاً للباحث، لن تتمكن إيران من تحمل حملة ضغط موحدة أخرى. إن صعوبة العودة إلى صفر تخصيب لا تعني أن على واشنطن السعي إلى اتفاق محدود ومعيب. حان وقت عكس المسار.