الإثنين 20 مارس 2023 / 22:09

غزو العراق.. أرقام كارثية وغياب أبرز رموزه

يحاول العراق التعافي من آثار الغزو الأمريكي بعد مرور عشرين عاماً على الحدث الذي أدخل البلاد في دوامة من العنف والانقسام الطائفي، وبرز على إثره تحدي مواجهة التنظيمات الإرهابية المتطرفة التي تتواصل محاولات استئصال خطرها الذي امتد إلى دول عدة.

وفي انعكاس لطيّ العراقيين صفحة الغزو الأمريكي، لم تنظّم الحكومة المركزية ولا حكومة إقليم كردستان في شمال العراق، أي فعاليات بهذه المناسبة، في حين توقف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني خلال مؤتمر للحوار في بغداد قائلاً: "نستذكر آلامَ شعبِنا ومعاناتهِ في تلك السنين التي سادتها الحروبُ العبثيةُ والتخريبُ الممنهج".
لكن الغزو خلف أزمات مركبة على مدار عشرين عاماً، فرضت واقعاً سياسياً واقتصادياً تفاقم مع تدخلات أطراف إقليمية عدة لفرض أجندتها على البلاد التي شهدت فراغاً سياسياً كبيراً عقب الغزو.

أرقام كارثية

ومع غياب إحصائيات دقيقة، تشير تقديرات عدة إلى أن نحو 461 ألف شخص قتلوا في العراق خلال الفترة بين عامي 2003 و2011، وهو العام الذي انسحبت فيه القوات الأمريكية من العراق.
لكن أعداد الضحايا قد تكون أكبر بكثير، إذا ما أضيف إليها الضحايا الذين سقطوا جراء النزوح إلى مناطق تفتقر للخدمات بسبب العمليات العسكرية، وتداعيات الغزو الاقتصادية والصحية والبيئية، والتي ما زال بعضها تحدياً أمام العراقيين حتى اللحظة.
كما قتل خلال هذه الحرب نحو 4500 جندي أمريكي، من بين 150 ألفاً أعلن الرئيس الأمريكي حينها جورج بوش، نشرهم العراق، وهو العدد الأكبر من الجنود الذين تواجدوا في العراق بعد الإطاحة بنظام حكم صدام حسين.
 ويضاف إليهم 40 ألف جندي بريطاني، ونحو ألفي جندي أسترالي، فيما امتنعت العديد من الدول الأوروبية عن المشاركة بقوات عسكرية في الغزو.
في حين قدرت جامعة براون الأمريكية، تكلفة الحرب بنحو 2.9 تريليون دولار، تشمل ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية في الحرب، ونفقات علاج الجرحى وإقامة البرامج التأهيلية لهم، فضلاً عن الالتزامات الأمريكية تجاه العراق.

تأثيرات إقليمية

وتشير صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية إلى أنه بسبب فشل الولايات المتحدة في تقديم أدلة على مزاعمها بوجود أسلحة دمار شامل في العراق، كان يُنظر إلى حرب العراق على أنها كارثة.
وقالت الصحيفة إنه بعد مغادرة إدارة بوش جاءت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى السلطة على أمل إعادة ضبط العلاقات في المنطقة، والسعي للتوصل إلى اتفاق بشأن العراق، وأدى ذلك إلى سياسة أمريكية جديدة تجاه العراق ودول مثل لبنان ساعدت في تسليم الدولتين إلى مقربين من إيران.
وأضافت "لم تستغل إيران الفوضى في العراق فحسب، بل استغل المتطرفون الذين تحولوا في النهاية إلى داعش ذلك، وعندما بدأت الأزمة في سوريا عام 2011، اغتنموا الفرصة، وحاول المتطرفون ملء الفراغ في سوريا، وفي غضون عامين عادوا إلى العراق بجيش من العناصر".
وأضافت "طردوا المسيحيين والأقليات الأخرى من الموصل، وكانوا يرتكبون إبادة جماعية ضد الإيزيديين، وأدى ذلك إلى تمكين الميليشيات المدعومة من إيران في العراق تحت غطاء محاربة داعش".

وأوضحت الصحيفة أن "غزو العراق وسوء التخطيط الأمريكي أدى إلى فراغ وسوء إدارة لم يمكِّن إيران فحسب، بل فتح الباب أيضًا أمام القاعدة، ما جعل العراق وجهة للتطرف بعد الغزو".


لاعبون رئيسيون

وسلط تقرير لبي بي سي، الضوء على أبرز رموز الغزو الأمريكي للعراق، وكيف تأثر مستقبلهم السياسي بالغزو، مثل الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، الذي غادر البيت الأبيض بشعبية هي الأدنى لرئيس أمريكي.
وقال التقرير إن "تعامل بوش الابن مع حرب العراق، وارتفاع أعداد القتلى في صفوف الجيش الأمريكي، أدى إلى تركه منصبه عام 2009 باعتباره الأقل شعبية في البيت الأبيض منذ بدء الانتخابات".
ويضيف أن "بوش الذي ابتعد عن الأضواء يظهر في مناسبات رسمية مثل مراسم التنصيب الرئاسية والجنازات، لكنه يقضي الآن معظم وقته في مزرعته في تكساس ويكرس نفسه للهوايات التي تشمل الرسم".


كما أبرز التقرير دور وزير الدفاع خلال فترة الحرب الراحل دونالد رامسفيلد، والذي اُتهم بتقديم "تقييمات استخباراتية بديلة" لدعم الإطاحة بصدام حسين وغض الطرف عن تعذيب أسرى الحرب من قبل القوات الأمريكية.
ويشير التقرير إلى أن رامسفيلد لم يتجنب الأضواء، حيث أصدر سيرة ذاتية، وشارك في فيلم وثائقي عن حياته المهنية وانضم إلى وزراء دفاع سابقين آخرين في تحذير الرئيس دونالد ترامب من محاولة قلب هزيمته في الانتخابات الرئاسية لعام 2020.
أما أول مستشارة للأمن القومي، ثم وزيرة للخارجية خلال سنوات بوش الثمانية، كونداليزا رايس، فبالإضافة إلى كونها من دعاة حرب العراق، فقد ضغطت على وسائل الإعلام الأمريكية بشأن التهديد الذي يمثله نظام صدام، حتى أنها صرّحت بأن الزعيم العراقي بإمكانه الحصول على أسلحة نووية.
ويشير التقرير إلى أن رايس، استأنفت مسيرتها الأكاديمية في جامعة ستانفورد وظلت هناك كمديرة لمؤسسة هوفر الفكرية، وابتعدت عن السياسة.
أما الحاكم المدني الأمريكي السابق للعراق، بول بريمر، فقد اعترف أن "مجمع الاستخبارات الأمريكية أخطأ بوجود أسلحة دمار شامل في العراق بعد غزوه في 2003، وتم الاعتراف بالخطيئة".


ورغم ذلك، قال إن "العلماء العراقيين قالوا إن صدام حسين كان له خطة لاستئناف برنامج أسلحة الدمار الشامل على شكل أسلحة نووية وكيماوية وبيولوجية".