الحرس الثوري الإيراني ( أرشيفية )
الحرس الثوري الإيراني ( أرشيفية )
الأربعاء 29 مارس 2023 / 11:52

الحرس الثوري الإيراني: بدايات تأسيس قاتمة وتصدّع كبير قادم

مع تزايد المُطالبات الرسمية والشعبية بإطلاق سراح الرهائن الفرنسيين المُحتجزين في إيران، واستهزاء وسخرية باريس من دعوة طهران لها للاستجابة لمطالب المتظاهرين الذين يواصلون تحدّيهم لنظام التقاعد الجديد، باشرت مجلة "ماريان" الإخبارية الفرنسية الأسبوعية نشر سلسلة من التقارير حول قصة تأسيس الحرس الثوري الإيراني ودوره الحالي داخلياً وعالمياً والمستقبل الذي ينتظره.

وفي الحلقة الأولى من تقاريرها، قالت المجلة إنّه إذا كان نظام الملالي الذي هزّته المظاهرات القوية لم يسقط منذ وفاة الشابة مهسا أميني قبل نحو ستة أشهر، فهو مدين لهؤلاء الرجال الذين انضمّوا للحرس الثوري الإيراني "الباسداران"، الذي أنشأ فيلقه الأول آية الله الخميني في فرنسا قُبيل الإطاحة بالشاه عام 1979، لتمتد شبكته اليوم في جميع أنحاء المجتمع الإيراني.
ووصفت "ماريان" ما أشارت له بميليشيا الحرس الثوري الإيراني "سباه باسداران" بأنّها جيش أيديولوجي، ونموذج دولة داخل الدولة بشكل يفوق التصوّر. وفي حين يتم تملّق الباسداران من قبل بعض الإيرانيين المُضطرين، وتكرههم غالبية الشعب، فإنّهم بحدّ ذاتهم يخشون الجميع، ولذلك فهم يقمعون أيّ أصوات معارضة داخل المجتمع الإيراني.
وعلى الصعيدين الإقليمي والدولي فإنّ أعضاء الباسدران يدعمون بعض أنظمة الحكم، ويُساعدون ويُموّلون حزب الله اللبناني في حروبه عبر تسليحه، ويُغذّون فساد النظام الفنزويلي وغيره. كما أنّ دورهم لا يقتصر على القوة العسكرية القسرية، وفق المجلة الفرنسية، بل إنّهم قوة اقتصادية وسياسية واجتماعية كبيرة، وتمتد شبكتهم المترامية الأطراف من صناعة البناء إلى القطاعات المالية والمصرفية، بما في ذلك الصناعات الغذائية والبتروكيماوية والاتصالات. وغالباً ما تكون المصالح السياسية والاقتصادية الشخصية ومجالات النفوذ لمسؤولين إيرانيين حكوميين وعسكريين مُتشابكة معهم بقوة.
ورأت "ماريان" أنّ الإيرانيين لم يعودوا خائفين كما كانوا من قبل، ومن الواضح اليوم أنّ المرأة الإيرانية تقود الثورة في بلادها، ومن المُثير أنّ النظام الأكثر كُرهاً للمرأة في العالم سوف تتم الإطاحة به تحت قيادة النساء وبفضلهنّ. ويأتي ذلك بينما يرفض النظام الفاسد الذي أضعفته العقوبات الدولية وتشدد السلطة الدينية إجراء أي تغييرات في هيكلة وانتماء الحرس الثوري الذي تضعف سلطته.
أما الحلقة الثانية التي نشرتها "ماريان" في عددها الأخير، فقد جاءت تحت عنوان "الحرس الثوري الإيراني: من الحرب إلى السيطرة الاقتصادية"، وأبرزت فيها قول الخميني إنّ "الحرب هبة من السماء"، وهو لم يكن مُخطئاً وفق تعبير المجلة، إذ عملت الحروب على خلق وطنية الإيرانيين الممزوجة بعبادة الاستشهاد التي يمجدها آية الله بشكل مفرط.
وقد أطلقت الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) موجة ضخمة من التعبئة الجماهيرية، حيث شارك الآلاف من الباسدران والباسيدجي (ميليشيات عقائدية إسلاموية) فيما أسموه "الدفاع المقدس" إلى جانب جنود الجيش النظامي. وقد مات ما يقرب من نصف مليون إيراني في تلك الحرب. وبالفعل، وباسم "الشهداء وأجساد المحاربين المجروحة والمشوهة" فقد شنّ الحرس الثوري الإيراني حملة "تطهير" البلاد واغتيال الآلاف من معارضي النظام الإسلاموي وقمع الحريات ونزع حقوق الشعب، وصولاً للسيطرة على المقدرات الاقتصادية للبلاد.
وعلى هذا الصعيد، فقد كشفت صحيفة "لا كروا" بدورها، في تحليل لها نقلاً عن مصادرها، عن حالة عدم ثقة غير مسبوقة في صفوف الحرس الثوري الإيراني، وعن معنويات متدنية جداً ورغبات مُتنامية لأعضائه في الانشقاق والرحيل، بالإضافة لصراعات بين كبار الضباط والرتب العسكرية العليا.
كما تحدّثت اليومية الفرنسية عن تقرير صدر قبل أيام عقب لقاء تمّ تنظيمه بين المرشد الأعلى للثورة الإيرانية وقادة الباسداران يوم 19 مارس (آذار) الجاري، يُعطي لمحة عامة عن الاستنزاف الملحوظ داخل الجيش الأيديولوجي للنظام بعد أشهر من الاحتجاجات غير المسبوقة للإيرانيين، وهو ما يُنبئ عن تصدّع عسكري وسياسي كبير قد يشهده "الباسداران" في المستقبل.