من مخيمات النزوح جنوب قطاع غزة (رويترز)
من مخيمات النزوح جنوب قطاع غزة (رويترز)
السبت 10 فبراير 2024 / 18:37

مخاوف من تكرار سيناريو "النكبة" في غزة

أثارت أوامر إسرائيل لسكان غزة بالتوجه جنوباً نحو الحدود المصرية خلال هجومها والأوضاع الإنسانية المتردية مخاوف العرب والأمم المتحدة من احتمال إجبار الفلسطينيين في نهاية المطاف على عبور الحدود.

وتزايدت هذه المخاوف في الوقت الذي تستعد فيه القوات الإسرائيلية لشن هجوم بري على مدينة رفح الواقعة على الحدود المصرية مباشرة حيث لجأ مئات الآلاف من النازحين هرباً من العنف في شمال القطاع تحاصرهم الظروف البائسة.
وقال مصدران أمنيان مصريان إن القاهرة أرسلت نحو 40 دبابة وناقلة جند مدرعة إلى شمال شرق سيناء خلال الأسبوعين الماضيين في إطار سلسلة إجراءات لتعزيز الأمن على الحدود مع غزة.

 ماذا وراء المخاوف؟

لطالما شعر الفلسطينيون بذكريات النكبة تطاردهم وتحيطهم بأشباح طرد 700 ألف من منازلهم مع إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948.
فقد طُرد أو فر كثيرون منهم إلى الدول العربية المجاورة، بما في ذلك الأردن وسوريا ولبنان، وما زال كثيرون منهم أو أحفادهم يعيشون في مخيمات اللاجئين في هذه الدول وبعضهم ذهب إلى غزة.

وشهد الصراع منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) قصفاً إسرائيلياً لم يسبق له مثيل وهجوماً برياً في غزة، مما أدى إلى تدمير المناطق الحضرية في جميع أنحاء القطاع.

ويقول فلسطينيون ومسؤولو الأمم المتحدة إنه لم تعد هناك أي مناطق آمنة داخل غزة يمكن اتخاذها مأوى.

وقبل شن إسرائيل هجومها البري على غزة، طلبت في البداية من الفلسطينيين في شمال غزة الانتقال إلى ما قالت إنها مناطق آمنة في الجنوب، ومع توسع الهجوم، طلبت منهم إسرائيل التوجه جنوباً نحو رفح.

ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، فإن نحو 85% من 2.3 مليون نسمة يقطنون قطاع غزة، الذي يعد واحداً من أكثر المناطق اكتظاظاً بالسكان في العالم، نزحوا بالفعل من منازلهم وهم الآن مكدسون في منطقة أصغر مساحة بالقرب من الحدود.

ولم تقع حرب بهذه الضراوة في غزة من قبل، وفي الصراعات والاشتباكات مع إسرائيل في السنوات القليلة الماضية، لم يحدث فرار جماعي من غزة عبر الحدود. لكن وقعت حوادث تم فيها اختراق حدود غزة مع مصر، على الرغم من أن عدد العابرين كان بالمئات أو الآلاف، ولم يكن هؤلاء الأشخاص يبحثون عن مأوى أو يريدون البقاء.
وفي أعقاب الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة في عام 2005، اخترق الفلسطينيون السياج وتسلقه بعضهم مستخدمين الحبال. وفي أحد الأماكن، نفذ مسلحون فلسطينيون عملية ارتطام بحاجز خرساني لإحداث فجوة.

نزوح كبير

يقول كثير من الفلسطينيين داخل غزة إنهم لن يغادروا حتى لو أُتيحت لهم الفرصة لأنهم يخشون أن يؤدي ذلك إلى نزوح دائم آخر في تكرار لما حدث في عام 1948.

وفي الوقت نفسه، تحكم مصر إغلاق حدودها باستثناء السماح لبضعة آلاف من الأجانب ومزدوجي الجنسية وعدد قليل آخر بمغادرة قطاع غزة.

وتعارض مصر ودول عربية أخرى بشدة أي محاولة لتهجير الفلسطينيين عبر الحدود.

وتفوق نطاق هذا الصراع على أزمات وانتفاضات غزة الأخرى في العقود الماضية، وتتفاقم الكارثة الإنسانية للفلسطينيين يوماً بعد آخر.

تحذيرات عربية

ومنذ الأيام الأولى للصراع، قالت الحكومات العربية، لا سيما مصر والأردن، جارتا إسرائيل، إنه يتعين ألا يُطرد الفلسطينيون من أرضهم.

وتخشى هذه الدول، مثل الفلسطينيين، أن تؤدي أي حركة جماعية عبر الحدود إلى تقويض احتمالات التوصل إلى "حل الدولتين" وترك الدول العربية تتعامل مع العواقب.

ومع تفاقم الأزمة الإنسانية، عبر كبار مسؤولي الأمم المتحدة عن المخاوف نفسها بشأن حدوث نزوح جماعي.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في 10 ديسمبر (كانون الأول) "أتوقع أن ينهار النظام العام تماماً قريباً، وقد تتكشف فصول هذا في وضع أسوأ يتضمن الأوبئة وزيادة الضغط من أجل نزوح جماعي إلى مصر".

وكتب فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في صحيفة لوس انجليس تايمز في التاسع من ديسمبر (كانون الأول) "التطورات التي نشهدها تشير إلى محاولات نقل الفلسطينيين إلى مصر، بغض النظر عما إذا كانوا سيقيمون هناك أو سيتم إعادة توطينهم في مكان آخر".

تهديدات إسرائيلية

تقول الحكومة الإسرائيلية إنها تطلب فقط من الفلسطينيين مغادرة منازلهم مؤقتاً حفاظاً على سلامتهم، لكن تعليقات بعض الساسة الإسرائيليين، وبعضهم مقربون من الحكومة، تثير مخاوف الفلسطينيين والعرب من نكبة جديدة.

وبعد أن قال وزير الخارجية الأردني وشؤون المغتربين أيمن الصفدي في 10 ديسمبر (كانون الأول) إن الهجوم الإسرائيلي "مجهود ممنهج لإفراغ قطاع غزة من سكانه"، وصف المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إيلون ليفي تلك التعليقات بأنها "اتهامات سافرة وكاذبة".