الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
الخميس 20 يونيو 2024 / 10:15

قنبلة ماكرون السياسية.. هل يسيطر اليمين المتطرف على الحكومة الفرنسية؟

بعد 22 عاماً من وصول جان-ماري لوبان بشكل غير متوقع إلى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، وهي صدمة انتخابية دفعت بنحو مليون شخص إلى الشوارع احتجاجاً- ها هو التهديد بعودة اليمين المتطرف إلى السلطة يبرز مجدداً.

هل هذا توقيت مناسب من أجل الإقدام على هكذا مقامرة؟

وكتبت روخايا ديالو في صحيفة "غارديان" البريطانية، أنه في 9 يونيو (حزيران)، مَنح الناخبون الفرنسيون التجمع الوطني اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان، نصراً غير مسبوقٍ في الانتخابات الأوروبية. 

وفاز التجمع بنسبة 31.5% من الأصوات، أي ضعفي ما حصل عليه التحالف الوسطي المدعوم من الرئيس إيمانويل ماكرون، وحصلت ابنة شقيقة لوبان، ماريون مارشال، على 5%.
ولم يكن هذا كافياً، إذ لجأ ماكرون الذي أصيب بالإذلال إلى وسيلة لتحويل هزيمته إلى أزمة شاملة عن طريق حل الجمعية الوطنية والدعوة إلى انتخابات مبكرة. 

وسيتم تعيين رئيس جديد للوزراء بعد الجولة الثانية من الانتخابات في 7 يوليو(تموز)، وفي ضوء انهيار الدعم لوسطيي ماكرون، ثمة احتمال لليمين المتطرف بأن يؤلف الحكومة المقبلة. 

يمكننا الافتراض فقط بأن ماكرون كان يحاول تغيير دفة السفينة من أجل المناورة على اليمين المتطرف، على رغم أنهم هم من طالب بانتخابات. 

وربما كانت استراتيجيته تقوم على جعل اليمين المتطرف يتحمل المسؤولية السياسية ويأمل بحكومة تصيب الرأي العام بخيبة، وتالياً يقلل من فرصهم في الفوز بالانتخابات الرئاسية المقبلة في 2027. 

وبذلك يمكنه ضمان أن خلفه في الإليزيه لن يكون من اليمين المتطرف. 

وفي كلتا الحالتين يبدو أن ماكرون واهم بنقلة الشطرنج التي أقدم عليها.

توقيت مناسب

كشفت صحيفة "لوموند" الفرنسية عن محادثة خاصة غداة الانتخابات الأوروبية، حيث أعرب ماكرون "عن سروره" بإلقاء "قنبلة يدوية من دون صمام أمان" نحو اليمين المتطرف، وقال إنه خطط لهذا التكتيك "منذ أسابيع"، ونفى الإليزيه هذه الرواية.

لكن هل هذا توقيت مناسب من أجل الإقدام على هكذا مقامرة، فقط بهدف إعطاء أولوية لإرث ماكرون؟ فثلاثة أسابيع هي فترة قصيرة متهورة للإعداد لحملة انتخابية، أخذاً في الاعتبار المخاطر والفوضى التي يمكن أن تواجه الفرنسيين. 

ومهما كانت دوافعه، فإن التعامل مع البلاد كطاولة روليت أظهر أن ماكرون يعير اهتماماً ضئيلاً لملايين الفرنسيين، وكشف لا مبالاته بمن سيقعون كبش فداء لحكومة يقودها حزب شارك في تأسيسه متعاطفون مع النازية- بمن فيهم والد مارين لوبان، جان-ماري لوبان، الذي دين ثلاث مرات بإنكاره الهولوكوست على أنها "تفصيل" في سياق التاريخ.

فرصة غير مسبوقة

وبحل الجمعية الوطنية في ظل هذا المناخ، قدم ماكرون لليمين المتطرف فرصة غير مسبوقة لإحكام قبضته على البرلمان، وربما، لحكم فرنسا

وبعمله هذا، فإنه يلعب بمصائر لناس عمداً، والكثيرون من نساء وملونين ويهود ومسلمين وأقليات، يعلمون تمام العلم بالعواقب التي يمكن أن تسفر عنها هكذا انتخابات.

هواجس مبررة

وترى الكاتبة أن هواجس هؤلاء ليست غير عقلانية، فالتجمع الوطني المعاد تشكيله، نجح في محو الآثار المعيبة لماضيه وأخفى أيديولوجيته المتطرفة، لكن هذه الأيديولوجية لم تتغير. 

لقد عملت مارين لوبن بجد لتنعيم صورتها والظهور بمظهر أكثر واقعية، وخلال حملة الانتخابات الرئاسية عام 2022، قدمت عبر تطبيق إنستغرام عرضاً عن حبها للقطط، وأنشدت أغاني رائجة في مناسبات عامة، مصورة نفسها على أنها شخص عادي يتناغم مع الناس "العاديين" بدلاً عن النخبة.

وترعرعت لوبان في أجواء برجوازية، وهي تحب أن يضع نواب حزبها من الرجال ربطات عنق دائماً في الأماكن العامة، بحيث يتخذون مظهراً جدياً يوحي بأنهم قادرون على إدارة البلاد. 

وحرص جون بارديلا البالغ من العمر 28 عاماً والذي قاد لائحة التجمع الوطني إلى الانتخابات الأوروبية، على صياغة صورته كنموذج للرجل الشاب. 

ولبارديلا مليون ونصف مليون متابع على تطبيق تيك توك، لكنه يخفي موقفه المتشدد ضد الإسلام وضد المهاجرين، بلباقة خلف ابتسامة، تبدو مقصودة كي تعطي انطباعاً بالثقة.