الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال المناظرة مع ترامب (رويترز)
الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال المناظرة مع ترامب (رويترز)
السبت 29 يونيو 2024 / 13:09

المناظرة كشفت المستور.. هل تستحق أمريكا رئيساً مثل بايدن

يرى الكاتب السياسي الأمريكي دوج باندو أن معظم تصرفات أي رئيس والكثير من خطوات أي مرشح رئاسي يخطط لها وتصمم بعناية فائقة. ولهذا فإن أي هفوات بسبب لحظات غير مكتوبة أو ترجل، تخيم بظلالها على مسار أي حملة. وكانت المناظرة الرئاسية الأخيرة، مثالاً لذلك.

وفي تحليل نشرته "ناشونال انتريست" الأمريكية يقول باندو، كبير الباحثين بمعهد كاتو للدراسات السياسية والمساعد الخاص السابق للرئيس الأسبق رونالد ريغان إنه لم يكن هناك قدر كبير من الموضوعية في المناظرة. فالمرشحان مسرفان كبيران، رغم أن جو بايدن أسوأ بدرجة كبيرة. فهو سياسي أصبح متوحشاً مالياً ، وجعل الولايات المتحدة تواجه عجزا سنوياً بـ 2 تريليون دولار، دون أن تكون هناك أزمة مالية، أو جائحة فتاكة، أو حرب ساخنة. ودون تغيير جاد في السياسة، يمكن أن يصل الدين الفيدرالي إلى ضعف إجمالي الدخل المحلي بحلول منتصف القرن.

والمرشحان ملتزمان بإدارة العالم بغض النظر عن المخاطر، واعتماداً على تحالفات واشنطن العتيقة وباهظة التكاليف. ومع ذلك، فإن الرئيس السابق دونالد ترامب ينتقد من حين لآخر على الأقل الدول الصديقة التي لا تشارك أمريكا في التكاليف بقدر كاف.

والوضع الدولي أسوأ الآن مما كان عليه عندما تولى بايدن منصبه، لكن زعم ترامب أنه سينهي حرب أوكرانيا إذا تولى الرئاسة، خيال أكثر منه واقع.

وبدل الحديث عن جوهر المناظرة، تتحدث كل واشنطن عن أداء بايدن الذي كان كارثياً. ولا يعني هذا بالضرورة أنه خسر الانتخابات، فـ4 أشهر توفر لترامب الوقت الكافي لاستعادة منصبه بتذكير المواطنين ذوي الميول السياسية المعتدلة بسبب رفضهم تولي ترامب المنصب 4 سنوات أخرى.

ومع ذلك، من الصعب تخيل فوز بايدن دون أن يفعل ترامب سياسياً ما كان يفعله المقاتلون اليابانيون، أي الانتحار خوفاً من الهزيمة.

وهناك 3 نقاط رئيسية يمكن استخلاصها من المناظرة. الأولى، والتي فقدت إلى حد كبير في الثرثرة حول تصرف بايدن الرجل العجوزالذي يبدو مرتبكاً، هي أن ترامب كان بشكل مدهش، وحتى صادم منضبطاً. ومن المؤكد أن الوضع لن يستمر كذلك حتى 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وعلى أي حال، تجنب ترامب تكرار أدائه الكارثي منذ 4 سنوات، حيث تجاهل القواعد المتفق عليها ووجه إهانات لبايدن.

ويبدو واضحاً أن ترامب يستطيع التصرف لصالح مصلحته عندما يتعلق الأمر بالفوز في الانتخابات. وهذا يعني أنه قد يدير حملة أكثر تركيزاً وذكاء حتى نوفمبر  (تشرين الثاني) رغم التوقعات بعكس ذلك.

أما النقطة الثانية وهي الأوضح فهي أن بايدن لا يصلح لن يكون رئيساً. والآن سينتقل عجزه من الادعاء السياسي إلى الحملة الانتخابية. وستفسر أي غمغمة أو تعثر في المستقبل في ضوء أدائه المرتعش في المناظرة.

ويضيف باندو أنه بطبيعة الحال لا تعني مناظرة سيئة واحدة، أن بايدن لا يستطيع اتخاذ قرارات سياسية مهمة. ومع ذلك، فإنها تعني فعلًا أنه غير لائق لأهم منصب في العالم. وأنه على الأقل أحياناً، وربما غالباً، غير ملائم عقليا لهذا المنصب. والكل يعرف أن حالته ستزيد سوءاً بكل تأكيد.

والنقطة الثالثة، وربما الأسوأ  لبايدن، هي أن أنصاره هم الذين يشككون علانية في صلاحيته ليكون رئيساً الآن، حتى قبل يناير (كانون الثاني)، موعد بدء فترته الجديدة في حالة فوزه.

ومن ثم، فإن الديمقرطيين الذين أفزعهم أداء بايدن، والذين يرون أن لا أمل في فوزه، ليس فقط قد لا يصوتون لصالحه ولكن ليس من المرجح أيضاً أن يقدموا مالاً لإعادة انتخابه .

وعلاوة على ذلك، فإن الحديث عن بديل لبايدن سيدفع إلى مناقشة موضوعية لكل القضايا. وهي هل هناك فرصة ليتخلى بايدن عن ترشحه؟ هل هناك وسيلة لإرغامه على ذلك؟ كيف ستكون العملية؟ ومن يكون بديلاً؟ ويقول باندو إن أي نقاش يركز على هذه المخاوف وما شابهها يعزز قضية العجز ويشتت الحملة الانتخابية.

ويرى باندو أن من الواضح أن كل هذا لصالح ترامب بدرجة كبيرة. ولكن لا تزال الأسابيع الثمانية عشر فترة طويلة في مجال السياسة. فقد يرتكب ترامب خطأه الفادح؟ أو ربما ينتهي بايدن، بمعنى الكلمة أو مجازاً،  ما يفرض تغيير مرشح الحزب الديمقراطي. وفي هذه الحالة سيظل من الممكن أن يفوز الديمقراطيون ، إن لم يكن بايدن.

واختتم باندو تحليله بالقول إن لفزع الديمقراطيين ما يبرره مع ذلك. والأمر المرجح تماماً هو أن بايدن سيقدم القليل من حالات الأداء المكررة. وستتسارع الحملة ولن يكون لديه الوقت الكافي لإصلاح صورته.

وفي هذه الحالة من المرجح أنه سيحسم الانتخابات دون اهتمام كبير بالتحديات الكثيرة الخطيرة التي تواجه أمريكا في السنوات المقبلة. وكلما زاد تجاهلها، كلما كانت الكارثة التي ستواجه الأمريكيين في المستقبل أكبر وأكثر تأكيداً.