عنصر أمن روسي يقتاد متهماً بالتورط في الهجوم على قاعة كروكوس في موسكو (أرشيف)
عنصر أمن روسي يقتاد متهماً بالتورط في الهجوم على قاعة كروكوس في موسكو (أرشيف)
السبت 29 يونيو 2024 / 14:16

الإرهابيون يحملون السلاح ضد روسيا "المشتتة"

سلط تقرير جديد لصحيفة "تايمز" البريطانية الضوء على تشتت القيادات في روسيا وصب جم تركيزها على الحرب في أوكرانيا، متجاهلة ما يحدث داخل أراضيها من عمليات إرهابية تعيد إلى الأذهان ما شهدته موسكو في 2000 و2010 وحتى أوائل هذا العام.

وتقول الصحيفة: "هجمات منسقة على مراكز الشرطة والكنائس في مواقع مختلفة، رجال ملتحون ببنادق هجومية يتحركون بجرأة في وسط المدينة ويطلقون النار حسب الرغبة، مقتل وجرح ما لا يقل عن 20 شخصا.. الهجوم الذي شنه متشددون على أهداف في منطقة داغستان بشمال القوقاز الروسية أعاد ذكريات مزعجة من عام 2000 وأوائل عام 2010، حين أشعل المسلحون النار في كنيس يهودي وقتلوا كاهناً وأطلقوا النار على العديد من ضباط الشرطة قبل أن يقتلوا أخيراً".

وتضيف "تايمز" في تقريرها، أن هذا الهجوم الإرهابي هو الثاني لهذا العام بعد هجوم واسع النطاق لتنظيم "داعش" في مارس (آذار) على قاعة مدينة كروكوس، وهو مكان للحفلات الموسيقية خارج موسكو، حيث قتل 145 شخصاً وأصيب المئات.

هجمات مقلقة

وفي حادث أصغر لكنه مقلق هذا الشهر قتلت قوات الأمن في مدينة روستوف أون دون 6 سجناء مرتبطين بتنظيم "داعش" في مركز احتجاز بعد أن احتجزوا اثنين من الحراس كرهائن بسكاكين محلية الصنع وفأس.


وبعد أكثر من عقد من قمع روسيا للتطرف الإرهابي إلى حد كبير، عاد العنف بقوة مقلقة، ما جعل العديد من المحللين يطلقون تفسيراً بسيطاً، بحسب الصحيفة، وهو أن جهاز الأمن الفيدرالي ووكالات الاستخبارات الروسية الأخرى متورطة جداً في الحرب على أوكرانيا لدرجة أنها أبعدت أعينها عن الداخل عندما يتعلق الأمر بالإرهاب.

في هذا السياق، قال الخبير في جهاز الأمن الروسي اندريه سولداتوف في مقابلة هاتفية مع الصحيفة إن "هذه الهجمات فاجأت الأجهزة الأمنية الروسية وتحديداً جهاز الأمن الاتحادي"، مضيفاً أن التغيير في الأولويات المرتبطة بالحرب في أوكرانيا كان السبب الرئيسي لحدوث ذلك.

وتشير الصحيفة إلى أن أحد الأمثلة على ذلك هو إعادة توزيع الأموال والموارد بعيداً عن مهام مثل محاربة  التطرف إلى إدارة الاستخبارات العسكرية المضادة التابعة لجهاز الأمن الفيدرالي، بسبب اختصاصها الموسع بشكل كبير في هذا المجال.

وبمجرد أن اقتصرت على مراقبة الجنود في روسيا، توسعت مسؤولياتها لضمان سلامة القوات في الأراضي التي سيطرت عليها حديثاً في أوكرانيا، وكذلك حماية السكك الحديدية والبنية التحتية الأخرى للمجمع الصناعي العسكري.

انقسامات داخلية

وقال سولداتوف إن الانقسامات غير العملية ذات الغرض المزدوج مثل الخدمة الثانية للدفاع عن النظام الدستوري ومكافحة الإرهاب هي جزء من المشكلة، إذ إن الضباط مشغولون للغاية في القضاء على المعارضة السياسية حول الحرب بحيث لا يتركون وقتاً كافياً للتعامل مع المتطرفين الحقيقيين.

ومن النتائج الأخرى للمواجهة الروسية مع الغرب بشأن أوكرانيا انعدام الثقة العميق وانهيار تبادل المعلومات الاستخباراتية بشأن التهديدات الإرهابية، بحسب "تايمز".

وقال مسؤولون أمريكيون إنه قبل أكثر من أسبوعين من غارة مدينة كروكوس، زودوا موسكو بمعلومات مفصلة عن هجوم متطرف وشيك في روسيا، ووصفوا قاعة الحفلات الموسيقية بأنها هدف محتمل.


لكن بوتين رفض أحد التحذيرات الأمريكية التي نشرت قبل الهجوم ووصفها بأنها "ابتزاز" ومحاولة "لتخويف مجتمعنا وزعزعة استقراره".
على ما يبدو، لم يتم اتخاذ تدابير إضافية لحماية المكان، واقترح بوتين في وقت لاحق، من دون دليل، أن أوكرانيا كانت وراء الغارة.

اتهامات بالتجسس

وفي حين أن ضباط جهاز الأمن الفيدرالي ربما نقلوا نصائح من نظرائهم الموثوق بهم في مكتب التحقيقات الفيدرالي أو وكالات أجنبية أخرى إلى رؤسائهم، يقول الخبير الأمني إن "هذه الأيام صعبة للغاية لأنك قد تتهم بأنك قريب جداً من أجهزة المخابرات أو الأمن الغربية".

وعلاوة على ذلك، فإن مديرية جهاز الأمن الفيدرالي التي تتعامل مع التعاون الدولي هي قسم فرعي من الخدمة الخامسة للوكالة، "نفس الخدمة سيئة السمعة التي صاغت خطط الغزو الشامل لأوكرانيا في عام 2022"، بحسب الصحيفة.


وهذا يعني أن أي تبادل للمعلومات الاستخبارية عن المتطرفين يجب أن يتم بين الجانبين المشاركين في حرب بالوكالة.

وفي الشيشان هذا الأسبوع، جادل الزعيم الموالي للكرملين الرئيس رمضان قديروف، بأن أقارب المتمردين المشتبه بهم يجب أن يقتلوا. قديروف معروف بأساليبه الوحشية التي تستخدمها ميليشياته التي قوامها الآلاف لقمع المتطرفين، بما في ذلك التعذيب والاختطاف.

ولطالما وافق بوتين ضمنياً على مثل هذا النهج، مردداً اقتباسه في عام 2000 بأن المتمردين الشيشان يجب أن "يضيعوا في المبنى الخارجي"، ورداً على سؤال للتعليق على كلمات قديروف هذا الأسبوع، قال المتحدث باسم بوتين ديمتري بيسكوف إن مكافحة التطرف يجب أن تشن "بأقصى قدر من الصلابة".

تكتيكات قاسية

ولكن، "تايمز" تساءلت: "هل يمكن أن يكتسب تجدد العنف زخماً في وقت تم فيه تجنيد العديد من الرجال من شمال القوقاز للقتال في أوكرانيا؟".

ويجيب هارولد تشامبرز، المحلل المستقل المقيم في الولايات المتحدة والذي يدرس العنف في شمال القوقاز، قائلاً إن "تنامي مجتمع المسلمين المحافظين على الإنترنت في داغستان وتدفق الأسلحة إلى المنطقة يمكن أن يكون من ضمن الأسباب".

ويبدو أن بعض المتشددين الذين شاركوا في هجمات داغستان هذا الأسبوع يحملون أنواعاً مختلفة من طراز أر-15 شبه التلقائي الذي ربما نشأ كأسلحة تذكارية من أوكرانيا.

وقال تشامبرز إن مسؤولي داغستان أشاروا إلى أنهم سيستخدمون تكتيكات قاسية على غرار قديروف ضد المسلحين "لكن، جزئياً بسبب الحرب في أوكرانيا، ليس لديهم وفرة القوة المطلقة التي يمتلكها قديروف".

قد يعني ذلك أن الأساليب المتطرفة ستؤدي إلى نتائج عكسية، وعلى الرغم من أن قوة قديروف الساحقة جزئياً نجحت في قمع حركة العصابات، لكن محللين حذروا من أن الانتهاكات التي ترتكبها قوات الأمن يمكن أن تدفع الشبان للانضمام إلى المتطرفين.