الثلاثاء 22 سبتمبر 2015 / 18:16

ثورة "لا نبالي"

سأحدثكم عن ثورة نعرفها نحن أهل اليمن، ليست ثورة الربيع العربي ولكن ثورة قامت بعد موت الربيع العربي في اليمن. ثورة 21 سبتمبر، اليوم الذي يحتفل فيه الحوثي وجماعته بسقوط العاصمة صنعاء.

لنبدأ القصة من أولها، في 1950 وبينما كانت فاتن حمامة تجهز لفيلمها الثالث والعشرين، كان الشعب في شمال اليمن لا يعرف اختراع الراديو، هذا في أيام حكم الإمامة.

ثم جاءت ثورة 26 سبتمبر 1962 وخرج اليمن من عزلته، مهما كانت عيوب هذه الثورة، على الأقل بعدها فُتحت مدارس لأول مرة في تاريخ شمال اليمن ثم عرف شعب اليمن الراديو والتلفاز، صحيح أن هذا حدث متأخراً، ولكن الحمدلله أنه حدث. وقتها انتعش الفن في شمال اليمن وكانت أغاني الحب اليمنية والعربية تذاع في الراديو والتلفاز ليلاً ونهار.

ثم جاءت ثورات الربيع العربي وحلم الديمقراطية الذي انتهى في اليمن مثل ما انتهى في بقية الدول وكانت البدائل جماعات متطرفة أو حكم عسكري.

في اليمن البديل كان جماعة الحوثي، الجماعة التي غيّرت وجه اليمن ونشرت شعارها، شعار الموت المعروف الذي أصبح معلقاً في أغلب جدران اليمن. هذا غير أناشيدهم التي رافقت "ثورتهم"، أناشيد تحرض على القتال وتزين الموت ومن أشهرها نشيد "مانبالي" الذي تقول كلماته "مانبالي واجعلوها حرب كبرى عالمية"

وبعد أن نشروا فكرهم وتوسعوا في أغلب المدن ووصلوا للعاصمة صنعاء. سجل يوم 21 سبتمبر يوم سيطرتهم على العاصمة، يوم "ثورتهم السبتمبرية" .. بعد 53 عاماً من انتهاء حكم الإمامة جاء الحوثي الذي يحمل نفس الفكر، وسرق ثورة سبتمبر الأم بكل ما فيها حتى الجريدة المسماة باسمها أصبحت جريدة طائفية .

ما أهداف "ثورتهم السبتمبرية" ..هل تهدف لتحسين التعليم مثلاً؟ لا..

هل تهدف لبناء مصانع ..للاهتمام بالتنمية؟.. لا..ما هدفها؟

هدفها إدخال اليمن في صراع إقليمي وحروب لا تنتهي، فهذه الجماعات لا تعيش إلا في أجواء تكون فيها الدولة ضعيفة أو لا وجود لها.. كنا نحلُم بيمن جديد ولكننا نرى اليوم يمناً يعود للوراء مئات السنين، وبينما يعيش اليمن بين النيران سيحتفل الحوثي وجماعته في شهر سبتمبر وسيستبدلون ثورة 26 بثورة 21 وبدلاً من أغاني الحب سنسمع نشيد الموت ونردد وراءهم "مانبالي".