الأحد 24 نوفمبر 2019 / 15:39

تقرير إسرائيلي...خطر إيران ليس في سوريا!

24 – مروة هاشم

كتب عاموس هارئيل، مراسل صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن الاضطرابات الحالية التي تشهدها إيران منحت إسرائيل فرصة لشن الضربات العسكرية الأخيرة ضد أهداف عسكرية لفيلق القدس في سوريا، محذراً من أن اللعبة ربما تنقلب على إسرائيل، إذ أن الخطر الأكبر الآن قائم في لبنان، لا في سوريا، إذ تخزن فيه ترسانة الصواريخ الإيرانية الضخمة لدى حزب الله.

السلسلة اللوجستية التي يعمل الإيرانيون على إنشائها طويلة وهشة، ولايزال معقلهم الذي أقاموه بالقرب من الحدود ضعيفاً للغاية فيما يتعلق بالتعامل بنجاح مع قدرات إسرائيل الاستخباراتية

وعلى الرغم من أن إسرائيل هي التي شنت معظم الضربات وأخذت زمام المبادرة في جولتي التصعيد الأخيرتين في سوريا وقطاع غزة، إلا أن هناك اختلافاً كبيراً بين الجبهتين، بحسب مراسل الصحيفة الإسرائيلية.

التصعيد في غزة وسوريا
وفي غزة فرضت إسرائيل توقيت اندلاع الأعمال العدائية وبدأتها باغتيال القيادي البارز في حركة الجهاد الإسلامي بهاء أبو العطا، ولم يخرج الاحتكاك العسكري في غزة عن السيطرة. ويبدو أن إسرائيل حققت الأهداف الرئيسية التي حددتها لنفسها والتي تمثلت في ضرب أبو العطاء والعودة إلى محادثات غير مباشرة مع نظام حماس، من أجل الوصول إلى اتفاق هدنة طويل الأمد مستقبلاً.

ولكن يختلف الوضع كثيراً في سوريا التي لاتزال تشهد العديد من الضربات العسكرية وبعضها سرية لدرجة أنه من الصعب تحديد الضربة التي تم الرد عليها والهجوم المضاد. وعلاوة على ذلك، يمكن التنبؤ بسلوك حركة الجهاد الإسلامي وحماس إلى حد ما، ولكن موقع إيران في الشمال يبدو أكثر تعقيداً.

ويقول المراسل: "على الأرجح ستتأثر التحركات المقبلة لإيران بالأزمة السياسية الداخلية. ومنذ نهاية أكتوبر(تشرين الأول) يعاني نظام ملالي طهران من الاحتجاجات الجماهيرية التي اندلعت في العراق ولبنان، وكذلك اندلعت الاحتجاجات مرة أخرى ضد النظام الإيراني الأسبوع الماضي بسبب تصاعد متاعب الإيرانيين كثيراً، وامتدت أعمال الشغب إلى عشرات المدن والبلدات داخل إيران احتجاجاً على رفع أسعار البنزين، بسبب ضغوط العقوبات الأمريكية".

احتجاجات ضد الملالي
ويُشير التقرير إلى أن الاحتجاجات في إيران أودت بأكثر من 100 إيراني معظمهم من المتظاهرين الذين قتلوا برصاص قوات الأمن. وتصف المصادر الأمنية في إسرائيل الاحتجاجات الحالية بأنها الأكثر خطورة منذ الثورة الإسلامية في 1979، وذلك رغم أن معايير المقارنة ليست واضحة تماما، برأي المراسل، كما أن المعلومات الواردة من إيران لاتزال جزئية لأن نظام الملالي أغلق شبكة الانترنت بالكامل تقريباً.

ويعتبر مراسل الصحيفة الإسرائيلية أن الاضطرابات الداخلية في إيران قد منحت إسرائيل فرصة لاتخاذ القرار بالرد بشكل أكثر قسوة في سوريا من خلال الهجوم الذي شنه السلاح الجوي الإسرائيلي فجر يوم الأربعاء الماضي ضد أكثر من 20 هدفاً إيرانياً وسورياً.

ويحذر المراسل من أن الأمور قد تنقلب على إسرائيل، وبخاصة لأن الضغط الداخلي الذي يواجه نظام ملالي طهران الآن ربما يدفعه إلى الاستنتاج بأن وقوع مواجهة عنيفة مع إسرائيل في هذا التوقيت ستكون مفيدة وتصب في صالحه. والواقع أن الخطر الأكبر ليس في سوريا وإنما في لبنان حيث أصول إيران الأكثر فاعلية التي تتمثل في ترسانة الصواريخ الضخمة التي جمعها حزب الله.

فساد حزب الله
وعلى الرغم من أن مسؤولي الاستخبارات الإسرائيليين يعتقدون أن حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله لايزال يتذكر جيداً الأضرار التي تحققت في حرب لبنان الثانية في 2006 ولذا لا يرغب في تكرار هذه التجربة، إلا أن نصر الله يخضع لاعتبارات الإيرانيين ويتعين عليه أن يتعامل بمفرده مع الاحتجاجات المتزايدة ضده وضد إيران والتي وصلت إلى حد الاتهامات الحادة من جانب المتظاهرين الشيعة بتورط حزب الله في الفساد وتجارة المخدرات.

الوجود العسكري الإيراني بسوريا
وتورد تقارير منظمات حقوق الإنسان السورية (لا يمكن تحديد دقتها العلمية) أن الهجمات الإسرائيلية في سوريا ليوم الأربعاء الماضي قد تسببت بمقتل 23 شخصاً، نصفهم تقريباً من الإيرانيين، وعلى الأرجح أن العدد الحقيقي أعلى من ذلك.

ويرى المراسل أن ثمة إساءة تقدير للحركة التي يقودها قاسم سليماني قائد فيلق القدس والمتمثلة في إقامة وجود عسكري إيراني في سوريا من خلال إنشاء المعسكرات ونشر قوات الحرس الثوري والميليشيات الشيعية المسلحة الموالية له. وتبدو سوريا الأكثر ملاءمة لقوات الدفاع الإسرائيلية من بين جميع الساحات التي تُشن فيها حملات إسرائيلية؛ حيث إن السلسلة اللوجستية التي يعمل الإيرانيون على إنشائها طويلة وهشة، ولايزال معقلهم الذي أقاموه بالقرب من الحدود ضعيفاً للغاية فيما يتعلق بالتعامل بنجاح مع قدرات إسرائيل الاستخباراتية والقوات الجوية.

ولكن العامل الآخر الذي يجب أن تضعه إسرائيل في اعتبارها يتمثل في روسيا. فقد سبق الهجوم الأخير زيارة وفد رفيع المستوى إلى موسكو، كما اعترف الجيش الإسرائيلي بأنه تم إطلاق آلية إبلاغ القوات الروسية في سوريا قبل شن الهجمات الأخيرة. بيد أن المصالح الروسية تتمثل في ضمان استقرار نظام الرئيس السوري بشار الأسد الذي استثمرت موسكو فيه مجهوداً كبيراً ومبالغ هائلة خلال السنوات الأربع الماضية.

هل ستتدخل روسيا؟
ويلفت مراسل الصحيفة الإسرائيلية إلى أنه إذا شعرت روسيا بأن الجمع بين أعمال الشغب في إيران والعراق وتزايد الاحتكاك بين إسرائيل وإيران في سوريا من شأنه أن يعرض شعبها للخطر أو يضر بمشروعها الاستراتيجي في سوريا، فإنه من المحتمل أن تتدخل وتطالب إسرائيل بوقف الهجمات؛ ففي سبتمبر(أيلول) 2018، عندما أسقط نظام الدفاع الجوي السوري طائرة روسية عن طريق الخطأ أثناء هجوم إسرائيلي، ألقت روسيا باللوم على إسرائيل وليس سوريا، واستغرق الأمر أشهراً حتى تمت تسوية الأمور بين البلدين.

ويلفت المراسل إلى الانتقادات الشديدة داخل إسرائيل لسياسة إدارة ترامب في الشرق الأوسط خلال الأشهر القليلة الماضية، وبخاصة فيما يتعلق بقضيتين أساسيتين أولهما ضبط النفس في وجه الهجمات الإيرانية وثانيهما التخلي عن الأكراد في خضم انسحاب القوات الأمريكية من شمال شرق سوريا عشية الغزو التركي، حيث تسبب ترامب بخيبة أمل وغضب حلفائه في المنطقة. بيد أن اندلاع الشغب في إيران يشير إلى أن دعم ترامب الثابت للعقوبات قد حقق أهدافه إلى حد ما ولكن في وقت متأخر.

ويختم المراسل تقريره متسائلاً: "ومع ذلك، هل سينجح نظام الملالي في قمع أعمال الشغب بالوحشية الماهرة نفسها التي استخدمها في الماضي وبخاصة ضد الثورة الخضراء الفاشلة في يونيو (حزيران) 2009؟ وهل يجبر الضغط الداخلي ملالي طهران على إعادة النظر لتقديم تنازلات في المحادثات النووية من أجل إقناع ترامب بتخفيف العقوبات؟".