الإثنين 24 يونيو 2024 / 09:06

هل تفعلها محكمة الجنايات الدولية؟

فتحي أحمد - العرب اللندنية

بادئ ذي بدء في 17 يوليو (تموز) 1998 وافقت 120 دولة في اجتماع للجمعية العمومية للأمم المتحدة في إيطاليا على ما يعرف بميثاق روما، واعتبرته قاعدة لإنشاء محكمة جنائية دولية دائمة، وعارضت هذه الفكرة سبع دول، وامتنعت 21 دولة عن التصويت. واعتبر الميثاق أن الملايين من الأطفال والنساء والرجال في القرن العشرين، الذي شهد حربين عالميتين، وقعوا "ضحايا لفظائع لا يمكن تصورها هزت ضمير الإنسانية بقوة" وأنه شهد "جرائم خطيرة تهدد السلم والأمن العالمي" وأن مثل هذه الجرائم لا يجوز أن تمر دون عقاب.

وحسب قناة "روسيا اليوم"، فإنها حصلت على معلومات خاصة يوم الثلاثاء تفيد بأن المحكمة الجنائية الدولية قد تصدر مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزير الجيش يوآف غالانت يوم الجمعة، وقالت القناة إن الجنائية الدولية قد تصدر أيضاً مذكرات اعتقال بحق قادة حماس. ووفق مصدر مطلع، فإن القضاة قد اتخذوا هذا القرار على أن يتم الإعلان عنه يوم الجمعة المقبل.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد وصف في وقت سابق طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحق نتانياهو، بأنه أمر شائن. ووصفه وزير الخارجية أنتوني بلينكن بالطلب المشين.
وليس للمحكمة الجنائية الدولية قوة شرطة خاصة بها لتنفيذ أوامر الاعتقال التي تصدرها، كما أنه من غير المرجح أن يمثل مسؤولون إسرائيليون أمامها في لاهاي، لكن مذكرة الاعتقال في حالة صدورها ستقيد حرية تنقل نتانياهو والمسؤولين الآخرين المطلوبين للمحاكمة. فبحسب نظامها الداخلي، على جميع الدول الموقعة على نظام المحكمة الجنائية الدولية، وعددها 124، تنفيذ مذكرات الاعتقال بحق الأشخاص المطلوبين على أراضيها وتسليمهم إلى المحكمة. فعلى سبيل المثال حين أصدرت الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحقه حد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من رحلاته خارج البلاد، مقتصراً على الدول غير الأعضاء في المحكمة والتي لا تعترف بسلطتها.

في حالة صدور أمر اعتقال لنتانياهو وغالانت ستكون جميع الدول الأطراف في نظام روما الأساسي ملزمة بالقبض عليهما، وهو ما قد يسبب هزة قوية في العلاقات الإسرائيلية مع هذه الدول، لأن زيارة قادة إسرائيل الصادرة في حقهم مذكرات التوقيف لأي دولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية ستسبب لهذه الدولة مأزقاً كبيراً وحرجاً بالغاً أمام الرأي العام، حيث قد لا يقبل الشعب بوجود قادة إسرائيل المطلوبين للمحاكمة دون القبض عليهم، وتسليمهم لاتخاذ إجراءات محاكمتهم وفقاً للقواعد المنصوص عليها في نظام روما الأساسي.
في الواقع هنالك تلويح بأمر الاعتقال ربما من باب الضغط على نتانياهو وإسرائيل، والضغط عليه لوقف إطلاق النار. والجانب المهم هو أن تحافظ المحكمة الدولية على ماء وجهها، وفي حال لم تصدر الجنائية الدولية مذكرات توقيف ضد قادة إسرائيل فكأنها لم تكن. ومنذ انطلاقتها كان هنالك الكثير من المؤيدين لإقامة الجنائية الدولية وكانوا من المؤيدين للصياغة التي قامت على أساسها، فالمحكمة الجنائية الدولية أنشئت كي تكون محكمة دائمة ومستقلة تحاكم الأشخاص المتهمين بأخطر الجرائم ذات الاهتمام العالمي، كجرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، والذين لا يجدون من يردعهم عن أعمالهم تلك، وهو هدف وغاية مهمان يستحقان الدعم.
ومن المهم هنا الإشارة إلى أن التكاملية قد تكون عائقاً في ما يتعلق بجرائم إسرائيل في غزة، لكنها لن تكون عائقاً في ما يتعلق بالاستيطان. فإسرائيل لا ترى في الاستيطان في الأراضي المحتلة جريمة حرب، ولا يوجد ما يجرّمه في القانون الإسرائيلي ولم تفتح أي تحقيقات حوله، بل على العكس، هو السياسة الرسمية للحكومة. لذلك سيكون التحقيق بشأن الاستيطان الأسهل قانونياً وتقنياً، إذ إن المعايير القانونية بشأن تجريم الاستيطان واضحة ولا جدال فيها، وقد شددت عليها أذرع الأمم المتحدة المختلفة، بما فيها مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان ومحكمة العدل الدولية.
إسرائيل تدرك جيداً وجودها ضمن بيئة معادية لها من كل الجهات، فما فتئت تسعى إلى كسر هذا الطوق المفروض عليها، وبشتّى الوسائل. ومهما يكُن وقوف الدول الغربية معها طوق نجاة بالنسبة إليها، إلا أنها تجد أن محيطها الحيوي هو ضمن العالم العربي وفي منطقة الشرق الأوسط وليس في الغرب، لهذا كله تسعى لشق عصا الطاعة وكسر كل القرارات الدولية.