الجمعة 28 يونيو 2024 / 11:08

 حقاً هو "الفارس الشهم"

من الخصال الحميدة النبيلة للعرب، أنهم يتسمون بالأصالة والشهامة والفروسية، تلك الصفات تتوارثها الأجيال "أباً عن جد"، وتتجسد واقعياً في دولة الإمارات العربية المتحدة، التي أطلقت مبادرة "الفارس الشهم" بتوجيهات قائدها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، لتكون عوناً لمن مزّقتهم المحن وأنهكت أجسادهم الشدائد، فحملت "الفارس الشهم" أعظم معاني الإنسانية والوطنية وطارت إلى غزة لإغاثة ومساعدة سكان القطاع الذي مزقت الحرب سكينته، وقبلها إلى سوريا وتركيا اللتين اهتزت الأرض تحت أقدام سكانهما جراء الزلزال المدمر وتبعاته.
لا يمكن اختصار "الفارس الشهم" في مجرد كلمتين تحملان هوية عملية إماراتية إغاثية في سوريا وتركيا وغزة، لكن القيمة الحقيقية لتلك الهوية تكمن في صفتين تحملهما هذه المبادرة الإماراتية العابرة للحدود والقارات، "الفارس".. صفة عربية أصيلة نابعة من معدن القيادة الحكيمة في الإمارات، أما "الشهم".. فهي واحدة من سجل غني بالصفات المحمودة التي يفخر بها أبناء الإمارات (قيادة وشعباً)، ومنها تعد مبادرة "الفارس الشهم" ترجمة عملية لوطن العطاء وصفات قيادته "أهل الفزعة".
من منطلق أن الشيء بالشيء يذكر.. ولأن القاصي والداني يعلمان جيداً أن الإمارات دولة كل شيء "خارج الصندوق".. فالتفرد والإبداع بات فلسفتها دائماً، يتجلى ذلك فيما تقدمه الإمارات إلى الفلسطينيين في غزة، براً وبحراً وجواً، ففي المياه تبحر السفن الإماراتية محملة بمئات الأطنان من الاحتياجات الأساسية لسكان القطاع، وفي البر.. تفرغ شاحنات ترفع العلم الإماراتي لتلبية حوائج أبناء غزة، بينما تحلق "طيور الخير" لإسقاط مساعداتها إلى المنكوبين والمحتاجين في القطاع، ليأتي الرد بكلمات تلقائية تشكر وتثني على الشيخ محمد بن زايد ودولة الإمارات، جانب آخر يزيد المشهد الإنساني جمالاً.. تكمن تفاصيله داخل المستشفى الإماراتي العائم في العريش لدعم الفلسطينيين المرضى والجرحى جراء الحرب، فأيادي الإمارات تغيث وتطبب وترسم الفرحة على الوجوه، داخل المستشفى تحرص الدولة -ممثلة في إماراتها السبع- على ممارسة دورها الإنساني عبر خيام علاجية تحمل أسماء مدن وإمارات الدولة، أي عقلية هذه التي تصنع من المحن منحاً؟.. تفخر بالوطن.. وتحفظ الإنسان.. ولا ترضى إلا بالصدارة دائماً وأبداً في كل الظروف والمواقف والأماكن!
لا يتوقف الأمر عند الفزعات الإغاثية من أبناء الإمارات، لكنه يتخطى ذلك إلى الميادين الدولية، ممثلاً في مساعي ودبلوماسية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، سليل زايد الخير، طيب الله ثراه، الذي اكتسب بأفعاله حب وثناء الجميع، وانتقل ذلك الإرث الطيب إلى الشيخ خليفة "رحمه الله"، ثم الشيخ محمد بن زايد، الذي لا يتردد لحظة في وأد الصراعات والقضاء على بذور الفتن بين الدول والشعوب، وذلك عبر تبديد الصراعات وتخفيف التوترات بين الأطراف المتحاربة، استناداً إلى مكانته عربياً وإقليمياً دولياً، هذه أخلاق الفرسان.. وخصال الشهامة التي تليق بقائد يحظى برؤية بعيدة، ووزن بالساحة الدولية، وإنسانية غير معلومة الحدود، فحضوره يجلب الطمأنينة في قلب المغبون، والضحكة على وجه الأسير، والفرج الذي يملأ صدر المكروب، فلا لوم في محبة هذا القائد.
من قبل قال الشيخ محمد بن زايد لشعبه في خضم المحنة: "لا تشيلون هم"، والآن يترجمها واقعياً بدعم ومساندة الشعوب المكلومة جراء الأزمات والحروب والكوارث، حقاً إن المجتمع الإماراتي محظوظ بهذا الوطن وقيادته، وعندما أقول (المجتمع).. هنا أعني وأقصد كل من يعيش في بلد الخير والتسامح، المواطن والمقيم والزائر، وحتى من حمل حباً لهذا البلد في قلبه.
مشهد "الفارس الشهم" شكلاً ومضموناً.. يحمل ترجمة واحدة لا غير، مفادها أن القائد كالمصباح لابد أن يضيء دائماً، فالشعوب تستنير برؤية وخطى القيادة، لاسيما عندما تجتمع فيها الحكمة والإنسانية والنظرة البعيدة الثاقبة.