تحدث الكاتب الإسرائيلي يهودا إلبيك من تل أبيب عن طريقتين لمنع إيران من تشكيل تهديد جديد لإسرائيل. الأولى تتمثل في كسر قدرة إيران على تمويل شبكة الوكلاء المحيطة بالدولة العبرية، والثانية في كسر إرادة هؤلاء الوكلاء للتضحية بأنفسهم في خدمة السياسة الإيرانية.

 وقال في مقال بالقناة الـ14 الإسرائيلية تحت عنوان "حتى لا نعود إلى 6 أكتوبر.. لا بد من تصعيد إقليمي"، أن الاستراتيجية الأمريكية التي يروج لها وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، بمساعدة جزء من النظام الأمني الإسرائيلي، تهدف إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار لمنع التصعيد والانزلاق إلى حرب إقليمية، متسائلاً: "من سيمنع حماس من العودة إلى السلطة واستعادة قدراتها الهجومية؟ وكيف سيقنعون سكان قطاع غزة بالعودة إلى منازلهم وحماس تجلس على بعد دقائق قليلة  منهم، وكيف سيقنعون سكان الجليل بالعودة وقوة الرضوان على مسافة مماثلة؟".
ورأى الكاتب، أنه في اليوم التالي للاتفاق المتوقع، وبعد تجنب التصعيد وتجنب حرب إقليمية، سنعود إلى ديناميكيات 6 أكتوبر (تشرين الأول)، وستزداد حماس قوة يوماً بعد يوم على الحدود الجنوبية لإسرائيل، وحزب الله سيزداد قوة على الحدود الشمالية، وسيتضاعف الطموح الإيراني في المنطقة، وسينتهي الأمر بهزيمة إسرائيل. 

الاقتصاد الإيراني

وأضاف أنه على الرغم من أن إيران ليست دولة قوية، إلا أنها دولة فقيرة واقتصادها أصغر من اقتصاد إسرائيل، وعدد سكانها أكبر بعشرات المرات، وتعتمد بشكل كامل تقريباً على صادرات النفط، مشيراً إلى أنها أيضاً "دولة ديكتاتورية تقمع شعبها"، ولكنها مستعدة أيضاً لتخصيص عشرات المليارات من الدولارات أي 10 أو 20% من دخلها، لبناء تنظيمات عسكرية ضد إسرائيل، مستطرداً: "أظهرت الحرب في غزة أن تدمير قوة بنيت بتكلفة مليار دولار، يتطلب حرباً تكلف أكثر من مائة مليار دولار".

الاقتصاد الإسرائيلي

وأضاف أن إسرائيل دولة غنية، ولديها اقتصاد قوي ومتنوع، ولديها خطة ادخارية، على شكل احتياطات من العملات الأجنبية تزيد على مائتي مليار دولار، وعلى الرغم من كل ذلك، فإن إسرائيل ليست غنية بما يكفي لدفع مائة مليار دولار مقابل كل مليار دولار يستثمرها الإيرانيون، ومن المؤكد أنها ليست على استعداد لدفع ألف قتيل في حرب لا يخسر فيها الإيرانيون جندياً واحداً. 

السياسة الإيرانية

وأشار الكاتب إلى أن إيران تنتهج سياسة ذكية للغاية، حيث تمكنت من تحويل الهزيمة المذلة، التي تم خلالها تصفية ضيف رفيع المستوى في قلب منشأة حكومية محمية، إلى انتصار  على إسرائيل التي تنتظر خائفة ومتعرقة، ورأى أن هذا النصر النفسي قد يتحول بسهولة إلى نصر سياسي حين يتوسل الأمريكيون إلى إيران لكي تمتنع عن الرد، وفي المقابل يعدون بوقف إطلاق النار واستسلام إسرائيل في غزة، فضلاً عن مجموعة كبيرة من الحوافز الأخرى التي لم يكشف عنها، مستطرداً: "يجب أن نتذكر أن مثل هذه الحوافز تتحول على الفور إلى قوة عسكرية أخرى متمركزة على حدودنا".
وأضاف أنه يمكن الافتراض أن الأمريكيين سيستمرون في انتهاج سياسة تصالحية تجاه إيران، وسيستمرون في رفع العقوبات التي مكنت تمويل حماس وحزب الله، وآنذاك لن تفتقر إيران إلى المال لمواصلة ما كانت تفعله، وستحول خطوة حماس المتهورة من خطأ استراتيجي إلى اختبار ناجح للأدوات التي أثبتت صحة استخدامها، وستزيد من جهودها لتدمير إسرائيل والسيطرة على الشرق الأوسط.

طريقتان أمام إسرائيل

ورأى الكاتب الإسرائيلي، أنه على تل أبيب أن تدرك أن الحرب لا يجب أن تنتهي حتى تعود ديناميكيات السادس من أكتوبر (تشرين الأول)، موضحاً أن هناك طريقتين لمنع حصوص ذلك، الأولى كسر قدرة إيران على تمويل حلقة الوكلاء الإيرانيين حول إسرائيل، وذلك من خلال العديد من الأدوات، بما فيها القدرة الجوية أو السيبرانية، أو استهداف المنشآت النفطية، أو أدوات أخرى، بشرط أن تخرج إيران من تلك الحملة مهزومة وتفتقر القدرة على مواصلة جهودها لتدمير إسرائيل.
أما عن الطريقة الثانية، فهي كسر إرادة الوكلاء بالتضحية بأنفسهم على مذبح السياسة الإيرانية، لأن إلحاق هزيمة كبيرة بحماس وحزب الله، من شأنه أن يقلل إلى حد كبير من الدافع لخدمة الإيرانيين.
ويقول الكاتب إنه في نهاية الحرب "يجب أن تكون إيران مختلفة، وليست قوة إقلية متطورة قادرة على توجيه ضربة موجعة لإسرائيل وجعل الولايات المتحدة تستجدي عفوها، يجب أن تصبح إيران على حقيقتها". 

استفزاز إيران

واختتم مقاله: "على إسرائيل أن تستفز إيران وتذلها، وتخرج من موقف الانتظار المخيف، وتنتقل إلى التهديدات العلنية، وإذا ردت عسكرياً، فستتاح لإسرائيل الفرصة لإيذائها وإلجاق ضرر بنظامها واقتصادها، بإصابة قاتلة، إن الديناميكيات الإقليمية التي كانت موجودة قبل الحرب لم تكن في صالحنا، وهناك فرصة للتغيير، ويجب ألا نضيعها".