مظاهرات سابقة في إيران (رويترز)
مظاهرات سابقة في إيران (رويترز)
الثلاثاء 21 مايو 2024 / 14:54

تقرير: احتفالات سرّية في إيران بوفاة رئيسي

قالت صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية إنّه بعد رحيل الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي، الذي وصفته بأنّه يُمثّل أحد أحلك وجوه الجمهورية الإسلامية منذ تأسيسها، تبدأ فترة من عدم اليقين بالنسبة للنظام الإيراني، فيما الأجهزة الأمنية تُعزز من انتشارها في شوارع وطرقات العاصمة والمُدن الكُبرى وسط أجواء سياسية ثقيلة للغاية.

وبينما تدور شكوك حول حادث تحطم مروحية الرئيس الإيراني، نقلت اليومية الفرنسية عن مُراسلين لها في طهران، بأنّ العديد من الإيرانيين يبتهجون سرّاً بحادث تحطّم طائرة رئيسي، مُشيرين في الخفاء إلى عدم شعبية الرئيس السابق الذي كان يتمتع بماضٍ سيئ كمسؤول عن قمع الانتفاضة الإيرانية التي قادتها النساء على مدى أكثر من عام ونصف.

وفيما كان التلفزيون الحكومي الإيراني يبثّ صوراً لبعض المواطنين وهم يُصلّون من أجل نجاة الرئيس قبل الإعلان عن وفاته، كان هناك آخرون يبتهجون ويحتفلون في الخفاء، بل إنّ بعض الإيرانيين أطلقوا الألعاب النارية احتفالاً بتحطم المروحية والموت المُحتمل لإبراهيم رئيسي قبل تأكد وفاته رسمياً، وذلك بسبب تحميله مسؤولية قمع حركة المرأة والحياة والحرية بوحشية، حسب قولهم.

إيرانيون المنفى يُرحّبون

يأتي ذلك بينما اعتبرت المُعارضة الإيرانية خارج البلاد ما حصل بأنّه ضربة استراتيجية هائلة وغير قابلة للإصلاح للمُرشد الأعلى وللنظام الإيراني بأكمله المعروف بإعداماته ومجازره، مُعتبرة أنّ ذلك سوف يُؤدّي إلى سلسلة من التداعيات والأزمات داخل نظام الاستبداد، على أمل أنّ الحادثة ستُحفّز الشباب المُتمرّد على التحرّك.

وتعززت مظاهرات الفرح برحيل رئيسي على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تفجّرت رسائل الابتهاج والنكات السيئة.

كما شوهدت طوابير من الإيرانيين أمام محلات المعجنات لشراء مستلزمات الحفلات التي أقاموها سرّاً في بيوتهم.

لكن ما يخشاه أصحاب السلطة في إيران هو أن تنتقل مظاهر الفرح والبهجة للعلن عبر محطات الإذاعة الإيرانية المستقلة عن الحكومة، ومقرّها في الخارج، وأن تفرد تغطية واسعة لهذه الاحتفالات الشعبية، وفقاً لما تحدّث عنه ستيفان دودافوان، الباحث في المركز الوطني للبحوث العلمية بفرنسا، مُعتبراً أنّ ذلك يعكس أزمة الشرعية التي يعيشها النظام الإيراني منذ سنوات طويلة.

الغرب يُقدّم الحدّ الأدنى من العزاء

ولفت مراقبون فرنسيون إلى أنّه في مُقابل مُبادرة بعض الدول للتعزية، وإعلان حُلفاء إيران في الشرق الأوسط أيّاماً للحداد، رفضت دول أخرى في الغرب تقديم العزاء، واكتفى بعض الأوربيين بتقديم تعازيهم الرصينة المُهذبة في حدّها الأدنى إلى إيران حسب أصول العلاقات الدبلوماسية، وذلك من دون أن يستذكروا حتى الآن قائمة الخلافات الطويلة التي عارضها المعسكر الغربي مع نظام الملالي منذ قيام الثورة الإسلامية، وعلى وجه الخصوص مع رئيسي الذي لُقّب من قبلهم بـِ "جزار طهران" بعد مشاركته المعروفة كقاضٍ في قمع المعارضين.

تدهو اقتصادي واستياء اجتماعي

مدير الأبحاث الفخري في المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية، برنارد أوركيد، رأى من جهته في حوار أجرته معه "ليبراسيون" أنّ النظام الإيراني سيبقى قائماً دائماً، لأنّ الرئيس الفعلي هو المرشد الأعلى علي خامنئي. مُشيراً إلى أنّ اختفاء إبراهيم رئيسي لن يُمثّل خللاً لأنّ خامنئي يُسيطر على البلاد بشكل جيد للغاية، إلا أنّ هناك خلافات داخلية في الطبقة السياسية حول من يخلف رئيسي.

وقُبيل تنظيم الانتخابات في غضون خمسين يوماً، فإنّه من المتوقع أن يتم إقصاء العديد من المرشحين من قبل المرشد الأعلى، الذي سيكون بالتأكيد أكثر انتقائية من المُعتاد، فهو الذي يقرر من يُمكنه الترشح، ثم من سوف يُنتخب.

ومن غير المرجح أن يُؤدّي مُعدّل الامتناع عن التصويت المرتفع للغاية إلى تفضيل مرشحين بديلين، وذلك على الرغم من أنّ استياء السكان من الانتخابات هائل.

لكن بمُقابل ثبات الحُكم، يرى أوركيد أنّ التوتر الاجتماعي قوي للغاية، والمُجتمع الإيراني على حافة الهاوية. فبعد وفاة مهسا أميني والاحتجاجات التي تلت ذلك على مدى أشهر طويلة، كان النظام خائفاً جداً.

كما ولا تزال البلاد تهزّها أزمة اقتصادية قوية مع استياء الطبقات الاجتماعية المختلفة، في حين لم تتوقف الاضطرابات في إقليم بلوشستان "جنوب شرق البلاد" أبداً.

وحقيقة فإنّ السياسيين جميعاً من كافة التوجّهات يريدون الاحتفاظ بالجمهورية الإسلامية، ولكن بطريقتهم الخاصة، وهو ما يُمكن أن يؤدي إلى تفاقم التوترات. وعلى المستوى الشعبي من الممكن أن تظهر ظواهر احتجاجية جديدة تؤدي إلى حراك اجتماعي ثوري في أيّ وقت، حسب الباحث السياسي الفرنسي.