إيرانيون في مراسم تشييع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي
إيرانيون في مراسم تشييع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي
الأربعاء 22 مايو 2024 / 13:19

من سيكون الرئيس الجديد لإيران؟

منذ إعلان مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في تحطم طائرة هليكوبتر كان على متنها مع وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان وآخرين، تسارعت الأسئلة في شأن تبعات المأساة، وماذا سيحدث الآن؟ وماذا يمكن أن يعني مقتله للاستقرار داخل إيران وخارجها؟

محمد قاليباف هو المحافظ الأكثر ترجيحاً

تحدثت مجلة "ذي كونفرسيشن" مع سكوت لوكاس، الباحث في شؤون الشرق الأوسط في كلية دبلن الجامعية، الذي كتب عن التوترات والاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط منذ سنوات عديدة التماساً لإجابات عن هذه الأسئلة.
كان رئيسي مخلصاً للمرشد الأعلى الإيراني السابق (أعلى سلطة في الدولة) آية الله روح الله الخميني. وسطعَ نجمه في النظام القضائي في ثمانينات القرن الماضي، وبرز اسمه عضواً في "لجنة الموت" التي نفذت عقوبة الإعدام على آلاف المعتقلين عام 1988 في نهاية الحرب الإيرانية مع العراق.
عُدَّ رئيسي موالياً للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، وغالباً ما كان يقوم بدور كبش الفداء لمساعدة المرشد الأعلى على تجنب الانتقادات. وبسبب هذا الولاء، وعلى الرغم من أن كثيرين في النظام السياسي الإيراني ينظرون إلى رئيسي على أنه غير استثنائي بل ضعيف في المنظومة السياسية الإيرانية، فقد كان يُذْكَر بأنه الخليفة المحتمل للمرشد الأعلى.
لكنّ خسارة رئيسي بحد ذاتها ليس لها تأثير يذكر على النظام الإيراني. فقد كان إلى حد كبير نائباً يُمثِّل رغبات المرشد الأعلى والحرس الثوري والمتشددين. ويكمن التحدي الأكبر في إحلال الحد الأدنى من الاقتتال الداخلي في النظام الإيراني، والحفاظ على نبذ الإصلاحيين والوسطيين وقمع أي احتجاجات.
بعد الحادث، طَمأن خامنئي الإيرانيين قائلاً: "إن أعمال الدولة لن تتعطل". فما مدى صحة هذا الادعاء؟
من الأفضل فهم بيان المرشد الأعلى على أنه دعوة للإيرانيين لتجنب "الاضطرابات"، نظراً لسلسلة الاحتجاجات التي اندلعت في جميع أنحاء الدولة بعد النتيجة المُتنَازَع عليها للانتخابات الرئاسية الإيرانية عام 2009.
فقد أُعلنَ فوز محمود أحمدي نجاد، على عكس توقعات كثيرين. وأعقب ذلك اضطرابات واسعة، واعتُقل آلاف الأشخاص بشكلٍ تعسفي، وقُتل العشرات في الشوارع أو ماتوا في المعتقلات.
فضلاً عن ذلك، فخطاب خامنئي، الذي هو أيضاً بيان مفاده أن "كل شيء على ما يرام"، يتحدى المشاكل الاقتصادية الخطيرة والتوترات الإقليمية التي تواجهها إيران. فالاقتصاد الإيراني في حالة يُرثى لها منذ سنوات بسبب مزيج من سوء الإدارة والعقوبات الدولية.

والعملة الإيرانية في أدنى مستوياتها التاريخية، إذ فقدت 93% من قيمتها منذ عام 2018. ولا تزال نسبة التضخم تتجاوز 40% رسمياً وأعلى بكثير حتى بشكل غير رسمي. والبطالة مرتفعة، خاصة بين جيل الشباب.

ويواصل النظام الإيراني قمع الاحتجاجات بحملات الاعتقالات والترهيب. لكنّ المطالب بتنفيذ إصلاحات لا تزال منتشرة على نطاق واسع.

وقد زادت تلك المطالب بسبب حملة النظام الرامية إلى فرض الحجاب الإلزامي. وحاولت السلطات الإيرانية قمع الوسطيين والإصلاحيين على حد سواء، ولكنها تواجه ردة فعل عنيفة من الانتقادات الشعبية، بما في ذلك انتقادات الرئيس السابق حسن روحاني.

مَن سيحل محل رئيسي؟

في حال وفاة الرئيس في منصبه، ينص الدستور الإيراني على أن يتولى النائب الأول للرئيس مهام منصبه لمدة 50 يوماً، بموافقة المرشد الأعلى. ثم تُجْرَى انتخابات رئاسية جديدة في نهاية الفترة الانتقالية. وأكد خامنئي أن النائب الأول للرئيس، محمد مخبر، سيشغل منصب القائم بأعمال رئيس إيران حتى إجراء الانتخابات.
وستكون العملية نسخة معجَّلة من الإجراء المعتاد، إذ سيفحص مجلس وصاية قوامه 12 عضواً جميع المرشحين وسيستبعد مَن يُعدُّ غير مقبول.

ومن شأن ذلك أن يضمن تنافساً بين متشدد ومحافظ، مما يمنع أي وسطي أو إصلاحي بارز من الترشح. 

وستناور الفصائل المختلفة داخل الحكومة من أجل الحصول على تأييد المرشد الأعلى. وأشارَ شَغْل رئيسي للمنصب إلى صعود المتشددين في جميع أقسام النظام، مما أدى إلى الإطاحة بالمحافظين.

ومع ذلك، فلا يوجد مرشح واضح مفضَّل لدى المتشددين في هذه المرحلة.

وفي الوقت ذاته، قد يكون رئيس البرلمان والمرشح الرئاسي السابق محمد قاليباف هو المحافظ الأكثر ترجيحاً. فقد كان في طليعة السياسة الإيرانية لمدة 25 عاماً. لكنه فشلَ أيضاً في حملتين رئاسيتين، ولا يحظى بالقبول عند كثير من المتشددين. 

التبعات  على الاستقرار 

سيود النظام الإيراني أن يتجنب أي اضطرابات إضافية في النظام بينما يعيد ترتيب كراسي السلطة.

ويشمل ذلك إيجاد بديل لوزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان، الذي أدى دوراً مهماً في محاولة عرض قضية طهران على العالم والبحث عن سبل لتخفيف تأثير العقوبات الغربية.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ما إذا كانت إسرائيل، المتورطة في حربها في غزة والغارقة في توترات داخلية خطيرة بشأن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، ستعود إلى شن هجمات على المصالح الإيرانية، كالاغتيالات التي تستهدف قادة طهران في سوريا ومسؤولي حزب الله في لبنان.