أحد ميادين إيران (أرشيف)
أحد ميادين إيران (أرشيف)
الخميس 13 يونيو 2024 / 15:12

ما هي استراتيجية إيران للسيطرة على الشرق الأوسط؟

رأت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، أنه من بين تكتيكات طهران المخادعة، تمويل الجماعات التي تعمل بالوكالة لها في المنطقة، واستغلال الحماسة الدينية، والتلاعب بقواعد الحرب، ومع ذلك، فإن مُخطط نظام الملالي قد يواجه الآن أول اختبار حقيقي له.

 

وأضافت "يديعوت أحرونوت" أن إيران تنفق مليارات الدولارات لتفعيل استراتيجية تشمل عدة جوانب بهدف السيطرة على الشرق الأوسط، وقد وضعت الخطة منذ سنوات، مشيرة إلى أن النتائج واضحة الآن.
وأوضحت الصحيفة الإسرائيلية، أنه في 26 سبتمبر (أيلول) 2020، قدّم نائب القائد العام للحرس الثوري العميد علي فدوي، والذي يُعد مشرفاً على الجماعات المسلحة غير الحكومية، بعض الأرقام حول جهود إيران لإنشاء "جبهة مقاومة" لمواجهة إسرائيل، وإخراج الولايات المتحدة من الشرق الأوسط.
وفي مقابلة بإحدى القنوات الرسمية في إيران، سُئل فدوي بشأن انخراط إيران في "جبهة المقاومة"، وكم تقريباً أنفقت إيران عليها، فجاوب بأن الأرقام التي دُفعت كانت أقل بكثير مقارنة بالحرب مع العراق التي قُدرت بـ19.6 مليار دولار بين عامي 1980 و1988، ولكن النتائج كانت كبيرة.
وشددت الصحيفة على التعامل مع هذه التصريحات والعديد من التصريحات الأخرى للمسؤولين الإيرانيين بقدر كبير من الشك، فعلى سبيل المثال، نقلت وسائل الإعلام الإيرانية عن النائب حشمت الله فلاحت بيشه في مايو (أيار) الماضي قوله إن طهران ربما أنفقت ما بين 20 مليار دولار و30 مليار دولار فقط على مشاركتها في سوريا.
وقدرت وزارة الخارجية الأمريكية أن إيران أنفقت أكثر من 16 مليار دولار في المنطقة بين عامي 2012 و2020، وفي عام 2018، كشفت وزارة الخزانة الأمريكية أن حزب الله كان يتلقى 700 مليون دولار سنوياً من إيران، وبالمثل، أعلن يحيى السنوار، زعيم حركة "حماس" الفلسطينية في قطاع غزة، عام 2017 أن "العلاقات مع إيران ممتازة، وإيران هي أكبر داعم لكتائب القسام، الجناح العسكري لحماس بالمال والسلاح".
وفي مقابلة عام 2022، أوضح رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، أن حركته تلقت 70 مليون دولار كمساعدة عسكرية من إيران، مضيفاً: "لدينا صواريخ مصنعة محليا، لكن الصواريخ بعيدة المدى تأتي من الخارج".

 

 

 


تضليل في البيانات

وتقول الصحيفة إنه على الرغم من ذلك، فإن حركة حماس من الممكن أن تتلاعب بالبيانات مثل إيران، مشيرة إلى أنه في عام 2020، خلصت وزارة الخارجية الأمريكية إلى أن إيران قدمت أكثر من 100 مليون دولار سنوياً لحماس والجهاد، إلا أن وكالة رويترز للأنباء نقلت عن مصدر أمني إسرائيل أنه في 13 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أن إيران زادت بشكل كبير من تمويل الجناح العسكري لحماس من 100 مليون دولار إلى حوالي 350 مليون دولار.

 

المكاسب الإيرانية

أما عن المكاسب الإيرانية من تلك الأموال، فقالت يديعوت إن أموال إيران موّلت استراتيجية مثمرة للغاية لاستعراض قوتها في الشرق الأوسط على حساب إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية بهدف ذي شقين، فمن خلال منطقة نفوذ تسعى إيران إلى "حماية مذهبها من الدول السنية بالمنطقة"، كما أنها عازمة على تصدير ثورتها بما يتماشى مع إيديولوجية مؤسسها روح الله الخميني، الذي كتب: "نحن نصدر ثورتنا إلى العالم كله".
وتقول يديعوت إنه بموجب هذه الرؤية، التي تم تدوينها أيضاً في الدستور الإيراني، لا يوجد ببساطة مكان لإسرائيل أو الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ولتنفيذ هذا الأمر، استخدمت إيران بشكل متزايد 4 عناصر، في سعيها لتحقيق هدفها الكبير.

 


حرب بالوكالة

العنصر الأول الذي تحدثت عنه الصحيفة هو استخدام الوكلاء في الحرب، وتطوير قوات متعددة بالوكالة منتشرة على مساحة جغرافية كبيرة، وبذل جهود مكثفة للتنسيق فيما بينها حتى تتمكن من التعاون عمليًا أثناء الصراع، مستطردة: "اليوم، يمكن لإيران أن تتباهى بقواتها العاملة بالوكالة في غزة ولبنان وسوريا والعراق واليمن، وهناك دلائل متزايدة على ظهور جبهتين أخريين ترعاهما إيران في الضفة الغربية والأردن، وكل هذه الجبهات متورطة في هجمات على إسرائيل، وبعضها يقاتل أيضاً لإخراج الولايات المتحدة من الشرق الأوسط".


وظيفتان رئيسيتان

وتستخدم إيران وكلاءها في وظيفتين رئيسيتين، أولاً، تشكل هذه الجماعات المسلحة التي تُعد قوة دافعة وراء تشكيل بنيتها الجيوسياسية الإقليمية، بالإضافة إلى استخدامها في هدف آخر، وهو عرقلة أي محاولة للتدخل في استراتيجيتها.
أما العنصر الثاني الذي تحدثت عنه الصحيفة، فكان تنظيم "حزب الله" اللبناني، وقالت إنه تم بناء وكلاء إيران كقوة ردع في مواجهة إسرائيل والولايات المتحدة، مشيرة إلى أن "حزب الله" يعمل بشكل خاص بمثابة "قوة الضربة الثانية" لإيران، في حالة تجرأت إسرائيل على مهاجمة منشآتها النووية.
ومع ذلك، ونظراً للتكثيف الحالي لهجمات حزب الله على شمال إسرائيل والزيادة الملحوظة في فرص اندلاع حرب واسعة النطاق، فإن وظيفة الردع هذه قد تشهد تحولاً، وقد يشير التصعيد إلى أن إيران تعتقد الآن أن قدراتها الخاصة كافية لثني إسرائيل عن مثل هذه "المغامرة"، وبدلاً من ذلك، ربما تكون طهران قد خلصت إلى أنه بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول)، لم تعد إسرائيل تشكل التهديد الذي كانت عليه في السابق، خاصة أنها منشغلة عسكرياً على عدة جبهات.


استخدام الوكلاء خارج الشرق الأوسط

وتقول الصحيفة إن استخدام إيران للوكلاء يمتد إلى ما هو أبعد من الشرق الأوسط، فعلى سبيل المثال، في تحذير نشره الموساد الإسرائيلي في 30 مايو (أيار)، قبل دورة الألعاب الأولمبية في باريس، تم الكشف عن أن إيران تستخدم في كثير من الأحيان المنظمات الإجرامية في أوروبا وأماكن أخرى لتنفيذ ضربات نيابة عنها "لمحاولة إخفاء يدها عن الهجمات في العالم". بالإضافة إلى ذلك، قال الموساد إن إيران تحاول الاستفادة من حرب غزة بتجنيد مجموعة متنوعة من الوكلاء لتنفيذ هجماتها المسلحة على مستوى العالم.